رصدت آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، أربع عوامل رئيسية اثرت في أداء مختلف مكونات المنظومة الوطنية لحماية حقوق الإنسان. والتي واجهت جملة من التحديات التي طبعت حالة حقوق الإنسان ليس فقط في المغرب، وإنما العالم بأسره.
وانطلاقا من التقرير السنوي للأوضاع الحقوقية خلال 2022، كشفت بوعياش، أولى هذه العوامل وهو استمرار آثار الجائحة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، فرغم التراجع الواضح لكل مظاهر حالة الطوارئ الصحية، يمكن اعتبار الحقوق المرتبطة بالتعليم والصحة والشغل أهم المجالات التي يمكن من خلالها رصد الآثار الممتدة للجائحة.
وأضافت بوعياش خلال تقديم التقرير السنوي أن ثاني العناصر التي طبعت التقرير؛ التداعيات الجيواقتصادية للحرب الأوكرانية الروسية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على غرار العديد من دول العالم. وهو ما يتجلى في الارتفاع الكبير لأسعار المواد الطاقية والحبوب، مما أدى إلى موجة تضخم غير مسبوقة شكلت ضغطا كبيرا على المعيش اليومي للمواطنين،
وثالثهم حسب بوعياش، يتجلى في تسارع وتيرة التغيرات المناخية، التي يمكن اعتبارها أهم تهديد لحقوق الانسان في العالم المعاصر. وتكمن خطورتها في كونها تشكل تهديدا وجوديا كما يتضح ذلك من خلال، المستوى الغير المسبوق للإجهاد المائي الذي عرفته بلادنا خلال هذه السنة.
واشارت إلى أن تحديات استعمال التكنولوجيا الرقمية وممارسة الحريات حيث سجلنا ممارسة حريات بالفضاء الواقعي من حيث التجمعات وتكوين الجمعيات وامتداد ممارستها بالفضاء الرقمي مما ساهم في توسيع مجال ممارسة الحريات، خاصة على ضوء تطور التعابير العمومية داخل منصات التواصل الاجتماعي.
بوعياش في عرضها للتقرير السنوي، أكدت على أن المجلس يؤكد على توصيته باعتماد “قانون حرية تداول المعلومات” لتزويد الرأي العام بالمعلومات الموضوعية حول تدبير الشأن العام من طرف المؤسسات العمومية. ويعتبر المجلس أن إقرار قانون حرية تداول المعلومات بمثابة إصلاح هيكلي ومقوم أساسي من مقومات التنمية في كل أبعادها وأحد أهم شروط بناء الثقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع.
عقوبات الإعدام مسا بجوهر الحق في الحياة
وفي سياق ذات صلحة بالوضعية الحقوقية في البلاد، سجلت المسؤولة بأسف استمرار إصدار عقوبات بالإعدام، التي يعتبرها المجلس مسا بجوهر الحق في الحياة، ولا تساير الفصل 20 من الدستور، حيث يوجد82 محكوما بالإعدام، رغم أن هناك عفو ملكي على 213 محكوما ما بين 2020 و2022.
كما توقف المجلس على وجود تحقيقات وأحكام بخصوص مسؤولين على وفيات في مراكز الحرمان من الحرية وإحالة متورطين في المعاملة القاسية والمهينة على القضاء.
وقد قام المجلس بالتحقيق في حالات أحيل بعضها على النيابة العامة وكانت متابعة بخصوصها، وحالات تمت الإجراءات الاغدارية من طرف المسؤولين على المراكز.
وأبرزت بوعياش أن هناك العديد من الطلبات من أجل التمتع بحقوق أخرى في هذه المراكز خاصة السجون ما يتطلب العمل على إيجاد حلول، خاصة لمشكل الاكتظاظ الذي ينعكس على حقوق أخرى.
وأفادت بوعياش أن المجلس تلقى خلال السنة المنصرمة عددا متزايدا من الشكايات والطلبات للتشكي من طرف المواطنين، وبلغت الشكايات التب تمت معالجتها 3285 شكاية.
وفي علاقة المواطن بنظام العدالة، أكدت بوعياش تزايد شكايات المواطنين بخصوص مسطرة العدالة او عدم تنفيذ الأحكام القضائية وغيرها، وهذا اللجوء المتزايد للمجلس حول موضوع العدالة، يثير المطالبة بالاستعجالية لمتابعة الإصلاح من أجل قضاء عادل ونزيه وفعال.
وخلصت المتحدثة إلى إبراز وجود تفاعل إيجابي لمكونات النظام الوطني لحقوق الإنسان في تعاطيه مع الحالات التي التي يتم تقديمها من طرف المجلس أو التي تثار من طرف الصحافة والرأي العام. لكن هذا النظام تعتريه اختلالات تدبيرية لعدد من الحالات، مثل معظلة الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية مما يعيق التمتع بالحقوق ويفسر تزايد شكايات المعتقلين.
وشددت بوعياش على ضرورة تدبير النظام الوطني لهذا الاكتظاظ ليكون التمتع بالحقوق التي فيها مجهودات لكن ليس لها أثر واقعي على هؤلاء، كما عليه أن يجتهد في تدبيره للاختلالات في التدبير الاداري لتأسيس وتجديد الجمعيات.
وعبرت بوعياش عن أملها في أن تكون القوانين المعروضة بالبرلمان من قبيل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، قوانين الحقوق والحريات والمساواة وعدم التمييز، وتجيب على التحولات الثقافية وتتجاوز الفجوة بين تدبير الحقوق والحريات وما يعيشه المجتمع.