قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إن الممارسة البرلمانية لم تعد مجرد نشاط سياسي أو وظيفة دستورية، بل أصبحت موضوعًا حيويًا للبحث العلمي والتفكير متعدد التخصصات، داعيًا إلى ضرورة ربط الفعل التشريعي بالحقل الأكاديمي والمعرفي.
وجاءت تصريحات الطالبي العلمي خلال كلمته في افتتاح فعاليات الدورة الخامسة للجائزة الوطنية للأبحاث والدراسات حول العمل البرلماني، في لقاء علمي وطني احتضنه البرلمان بحضور عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية. وأوضح أن هذه المبادرة، التي تنعقد لأول مرة بمبادرة مشتركة من مجلسي البرلمان، تمثل “لحظة متميزة في مسار الانفتاح المؤسساتي على الجامعة والمجتمع العلمي”.
وأضاف رئيس مجلس النواب أن هذه الجائزة ليست مجرد احتفاء بالأبحاث الأكاديمية، بل تعبير عن “إرادة جماعية تجعل من الفعل البرلماني موضوعًا للتفكير وحوارًا مفتوحًا بين السياسة والفكر، وبين القرار والمعرفة”. وأكد أن البرلمان، من خلال هذه الخطوة، يخطو نحو ترسيخ نموذج جديد يربط التشريع بالتحليل العلمي والتفكير التأملي، من أجل تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات المنتخبة.
وتابع قائلاً: “الديمقراطية لا تُبنى بالقوانين الانتخابية فقط، رغم أهميتها، بل من خلال قدرة المؤسسات على الإنصات للعلم والمعرفة وتغذية قراراتها بمخرجات البحث الرصين”.
الفكر السياسي مرجعية أساسية
ولم يفوت الطالبي العلمي الفرصة للتأكيد على دور الفكر السياسي العالمي في توجيه هذه الرؤية، مستشهداً بأسماء بارزة مثل يورغن هابرماس، كارل بوبر، جون ستيوارت ميل، ونانسي فريزر، قائلاً: “لقد علمتنا هذه التجارب أن المؤسسات التمثيلية لا تستمد روحها فقط من القوانين التي تنتجها، بل من قدرتها على الانفتاح على الفضاء العمومي والمشاركة في النقاش العقلاني”.
الجائزة جسر بين البرلمان والجامعة
وأشار المتحدث إلى أن إطلاق هذه الجائزة كان بهدف بناء جسر جديد بين البرلمان والجامعة المغربية، معبّراً عن اعتزازه بالمستوى العلمي للمترشحين، وموجهاً تحية تقدير لرئيس لجنة التحكيم الأستاذ عبد الإله العبدي، وأعضائها أحمد أجعون، مارية بوجداين، عمر الشرقاوي، ويمينة هكو، على “ما بذلوه من جهد علمي لضمان مصداقية الجائزة ومستواها الرفيع”.
كما هنّأ الطالبي العلمي مختلف الباحثات والباحثين من الجامعات المغربية الذين شاركوا في هذه الدورة، قائلاً: “لقد أثبتم أن الجامعة ليست فقط فضاء للتلقين، بل مختبر لإنتاج الأفكار، وتحليل أسس الممارسة البرلمانية، وهو ما سيمكن من بناء مدرسة بحثية مغربية متخصصة”.
نحو برلمان يفكر وينفتح
وفي ختام كلمته، شدد رئيس مجلس النواب على أن التحديات الوطنية والدولية اليوم تفرض على المؤسسات المنتخبة ألا تكتفي بالتشريع والمراقبة، بل أن تنخرط في التفكير الاستراتيجي وتجديد أدوات التحليل، مضيفاً: “علينا تحصين الفعل السياسي بالعلم والمعرفة والانفتاح على أسئلة المجتمع وأدوار المؤسسات، بما يعزز نموذجنا الديمقراطي المتفرد، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الحريص على جودة الأداء المؤسساتي وربطه بالرؤية والعلم”.