مرة أخرى، تلجأ الجزائر إلى لعبتها المفضلة، والمتمثلة في اتهام المغرب بتصدير المخدرات، في محاولة بائسة لإخفاء فشلها الذريع في إدارة ملف الأمن والتنمية.
فبينما تعلن السلطات الجزائرية عن حجز كميات من المخدرات قرب الحدود المغربية وهو الأمر الذي لا يتجاوز مخيلة كاتب بلاغها الأمني، تتناسى عمداً أن مشكلتها الحقيقية ليست في الجار الغربي، بل في الفساد المستشري داخل مؤسساتها الأمنية، وانهيار الاقتصاد، وتفشي البطالة التي تدفع شبابها إلى الهجرة أو حتى الانخراط في شبكات الجريمة المنظمة.
فالأرقام التي تروجها الجزائر حول “ضبط 18 قنطاراً و50 كيلوغراماً من المخدرات” تثير السخرية عندما نعلم أن جزءاً كبيراً من هذه المواد يدخل عبر حدودها الشرقية والجنوبية من دول تعاني من انعدام الأمن مثل ليبيا ومالي، لكن النظام الجزائري، الذي يعجز عن ضبط حدوده الواسعة مع دول الساحل، يفضل اختلاق عدو خارجي لتبرير إخفاقاته. فلماذا لا نسمع عن عمليات حجز مماثلة على الحدود الليبية، رغم أن التقارير الدولية تؤكد أنها المعبر الرئيسي للمخدرات والأسلحة؟
المغرب، من جهته، يشن حرباً لا هوادة فيها ضد شبكات المخدرات، بدعم من شركائه الأوروبيين والأمريكيين، الذين يشيدون باستراتيجيته المتكاملة في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. بينما تتحول الجزائر إلى بؤرة لتهريب الوقود المدعوم والمخدرات، بفضل انتشار الفساد وغياب الرقابة.
اللافت أن الجزائر، التي تتهم المغرب بين الحين والآخر، تتجاهل عمداً حقيقة أن معظم المخدرات المضبوطة على حدودها تأتي من مناطق تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة في الساحل الإفريقي، حيث لا وجود لأي رقابة أمنية، لاسيما أن هناك تواجد لإرهابيين داعمين للبوليساريو. لكن إلقاء اللوم على المغرب أسهل من مواجهة الفشل في تأمين حدود تمتد على آلاف الكيلومترات مع دول تعاني من الفوضى.
فهذه التهم المبتذلة لم تعد تخدع أحداً. فالعالم يعرف أن المغرب دولة جادة في محاربة المخدرات والإرهاب، بينما تكرس الجزائر سياستها في تصدير الأزمات، لأن النظام العاجز لا يملك حلاً لمشاكله إلا البحث عن كبش فداء، لكن الحقائق تتحدث عن نفسها: فشل أمني داخلي، واقتصاد منهار، وشباب يائس، وكل ما تبقى هو إطلاق التصريحات الإعلامية الفارغة.