دراسة: 75% من المغاربة مع حق النساء في ولوج الفضاء العام

قدمت مؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية، اليوم السبت بالدار البيضاء، تقريرها التفصيلي حول دراستها الجديدة التي حملت عنوان: “النساء، الفضاء العام والحريات الفردية”، والتي سعت من خلالها إلى رصد تمثلات وممارسات المغاربة تجاه حضور النساء في الفضاء العام، ومدى تمتعهن بحرياتهن الفردية داخله.

واعتمدت الدراسة، التي أنجزها الفريق العلمي للمؤسسة خلال سنة 2024، والتي توصلت “بلبريس” بنسخة منها، على عينة تمثيلية مكونة من 1528 مشاركا ومشاركة، موزعين على مختلف جهات المغرب، مع مراعاة متغيرات الجنس والفئات العمرية ووسط الإقامة.

وأظهرت نتائج البحث أن أزيد من 75% من المغاربة يؤيدون حق النساء في ولوج كافة الفضاءات العمومية، مثل المقاهي والسينما والمسرح والفنادق والحدائق، في حين عبر حوالي 21% عن معارضتهم لهذا الحق. كما بينت الدراسة أن الإحساس بالأمان بالنسبة للنساء داخل هذه الفضاءات لا يزال محدودا، إذ يرى فقط 5% من المشاركين أن الأماكن العامة آمنة جدا للنساء، بينما يعتبرها 42% آمنة إلى حد ما، و25% يرونها آمنة، في حين يرى أزيد من 20% أنها غير آمنة أو غير آمنة إطلاقا.

وأشار التقرير إلى أن 57% من المشاركين يعتبرون أن النساء يشعرن براحة نسبية داخل الفضاء العام، فيما ترى الأغلبية الساحقة، بنسبة تقترب من 90%، أن درجة حرية المرأة في الأماكن العامة قد ازدادت مقارنة بالماضي. كما سجلت الدراسة أن فئة الشباب أكثر تقبلا لوجود النساء في الفضاء العام، حيث وافق أكثر من 80% من الفئة العمرية 25-34 سنة على هذا الحق، مقابل حوالي 55,9% فقط من الفئة العمرية التي تتجاوز 65 سنة.

وكشفت المعطيات أن ارتفاع المستوى التعليمي يرفع من درجة تقبل المجتمع لحضور المرأة في الفضاء العام ولعملها خارج البيت، حيث تصل نسبة القبول إلى 70% لدى غير المتمدرسين، وترتفع إلى 87% لدى الحاصلين على تعليم عال. كما أظهرت النتائج أن النساء أنفسهن أكثر تعبيرا عن قبول هذا الحق بنسبة 83,7%، مقابل 66,4% لدى الرجال، مع تسجيل تفاوتات أيضا بحسب الحالة العائلية، إذ أبدى العزاب والمطلقون نسبة قبول أكبر مقارنة بالمتزوجين والأرامل.

وبخصوص بعض مظاهر حرية المرأة في الفضاء العام، أبرزت الدراسة أن 60% من العزاب يقبلون بولوج النساء إلى المقاهي، في حين تتراجع هذه النسبة إلى حوالي 45% لدى المطلقين والمتزوجين. أما بالنسبة لحرية السفر وولوج الفنادق، فقد عبر حوالي 62% من العزاب عن قبولهم بذلك، مقابل 51% لدى المطلقين، و50% لدى المتزوجين، و34% لدى الأرامل.

وفي ما يتعلق بحرية الجسد، أظهرت الدراسة أن أكثر من 67% من المشاركين يتفقون مع حرية المرأة في التصرف في جسدها داخل الفضاء الخاص، غير أن هذه النسبة تتراجع إلى 42% فقط عندما يتعلق الأمر بالفضاء العام، مع تسجيل فروق واضحة بين المجال الحضري والقروي، حيث تبلغ نسبة القبول 33,13% في المدن، مقابل 19,82% فقط في القرى.

وتظل النساء، حسب الدراسة، الأكثر تعرضا للتحرش في الأماكن العامة، بنسبة تفوق 82% وفق تصريحات النساء المشاركات، و81% وفق تصريحات الرجال. وسجلت نسب التحرش معدلات أعلى في المجال الحضري قاربت 20%، مقابل حوالي 13,48% في المجال شبه الحضري، وأقل من 10% في المجال القروي، مع تركيز حالات التحرش على الفئة العمرية بين 18 و34 سنة.

وفيما يخص العلاقة بين الشريعة والقانون وحرية المرأة، أبانت الدراسة أن أزيد من 66,8% من المستجوبين يعبرون عن مواقف داعمة لارتداء الحجاب في الفضاء العام، كما يرى 71,68% من المشاركين أن ممارسة المرأة لحرياتها الفردية تبقى حقا شخصيا واختيارا ذاتيا، بينما اعتبر 13,27% فقط أن هذه الحريات تعبر عن فوضى وتسيب.

وحول تصور الحل الأنسب لوضعية المرأة، عبّر 45,1% من المشاركين عن موقف وسطي يجمع بين الشريعة الإسلامية ومنظومة حقوق الإنسان، بينما يرى 33,2% أن وضع المرأة سيكون أفضل بتطبيق الشريعة فقط، مقابل 14,98% يفضلون اعتماد حقوق الإنسان وحدها.

كما أظهرت النتائج أن 86,79% من المشاركين يعتبرون أنه ينبغي مراعاة الخصوصيات المحلية عند التعامل مع حقوق المرأة، مقابل 6,24% فقط رفضوا هذا الطرح. كما يعتقد 57% من المستجوبين أن الشريعة الإسلامية تدعم حرية المرأة في الفضاء العام، مقابل 28,38% يرون العكس.

من جهة أخرى، سجلت الدراسة ضعفا كبيرا في معرفة المغاربة بالقوانين المتعلقة بحقوق المرأة، إذ قيم 37% معرفتهم بالفصل 24 من الدستور المتعلق بحرية التنقل بالضعيفة أو الضعيفة جدا، بينما أبدى 39% ضعفا مماثلا في معرفتهم بمقتضيات مدونة الأسرة، في حين صرح 86,2% بأنهم يجهلون وجود الفصل 1-1-503 من القانون 103.13 المتعلق بتجريم التحرش الجنسي.

وأبرزت نتائج البحث أن 53,29% من المستجوبين يعتبرون أن القوانين الحالية التي تضمن حرية وكرامة النساء في الفضاء العام غير كافية، مقابل 22,27% يعتبرونها كافية، بينما يرى 50,33% ضرورة تعديل مدونة الأسرة لتعزيز حقوق المرأة.

 

كما كشفت الدراسة عن ضعف في الانخراط الجمعوي والدعم الميداني لحرية المرأة، إذ صرح 90,93% من المشاركين بعدم انتمائهم لأي إطار حقوقي يهتم بقضايا المرأة، و86,99% أكدوا أنهم لم يسبق لهم المشاركة في أي فعل جماعي لدعم حرية المرأة في الفضاء العام، سواء عبر التظاهر أو توقيع العرائض أو غيرها من المبادرات.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *