سلّط “المجلس الأطلسي”، وهو مركز تفكير أمريكي مرموق، الضوء في دراسة حديثة على نشاط بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية (المينورسو)، مشككاً في مدى فعاليتها والجدوى من استمرارها في ظل الجمود السياسي الذي يطبع الملف منذ عقود. الدراسة طرحت تساؤلات جوهرية بشأن مستقبل هذه البعثة، داعية إلى التفكير الجدي في فتح الباب أمام تنفيذ مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل.
بعثة تراقب ولا تبادر
أكدت الدراسة أن بعثة “المينورسو” ليست بعثة حفظ سلام بالمعنى الكامل، بل تقتصر مهمتها على مراقبة وقف إطلاق النار الساري منذ ما يقارب 35 سنة بين المغرب وجبهة البوليساريو، دون أن تساهم في إحراز أي تقدم ميداني نحو حل نهائي. ووصفت الدراسة البعثة بأنها “خدعت الصحراويين طوال 34 سنة”، بسبب فشلها في تنفيذ الاستفتاء الذي أنشئت من أجله، وانخراطها غير المباشر في تكريس الجمود السياسي.
دعوة إلى إنهاء البعثة
أوصت الورقة البحثية بضرورة تفكيك بعثة المينورسو ووقف تمويلها، معتبرة أن “الصحراويين لا يمكنهم تحمّل خمسين سنة أخرى من المراوحة في المكان”. وأوضحت أن هذا الإجراء قد يكون الخطوة الأولى نحو تفعيل خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل سلمي وواقعي يحظى بدعم متزايد من القوى الدولية الكبرى.
دعم أمريكي متجدد للمغرب
أشارت الدراسة إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إلى واشنطن، حيث عقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين بارزين، من بينهم السيناتور ماركو روبيو والمستشار مايك والتز. واعتبرت الكاتبة سارة زعيمي، الباحثة في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلسي، أن المغرب يسعى إلى تثبيت الموقف الأمريكي الذي تبنته إدارة ترامب سنة 2020، والمتمثل في الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
فشل متواصل منذ 1991
استعرضت الدراسة الخلفية التاريخية للبعثة، التي أُنشئت سنة 1991 بموجب قرار مجلس الأمن رقم 690 بهدف تنظيم استفتاء حول مصير الصحراء، غير أن تعقيدات الواقع والاختلافات السياسية حالت دون تنفيذ هذه المهمة. ورأت الدراسة أن البعثة تحولت إلى أداة لترسيخ حالة الشلل بدل التقدم نحو الحل.
صمت في مواجهة المناوشات والفساد
انتقدت الورقة البحثية صمت “المينورسو” خلال بعض الأحداث الأمنية، مثل عملية المغرب في الكركرات سنة 2020، معتبرة أن موظفي البعثة اكتفوا بالمشاهدة. كما أثارت الدراسة موضوع الفساد في توزيع المساعدات الموجهة إلى مخيمات تندوف بالجزائر، مشيرة إلى وجود تقارير تتحدث عن تحويل هذه المساعدات وبيعها في أسواق مفتوحة مثل نواذيبو بموريتانيا.
نحو واقع جديد
اختتمت الدراسة بالقول إن الزمن تجاوز خيار الاستفتاء، الذي لم يعد عملياً في ظل المتغيرات الجيوسياسية والواقعية، معتبرة أن حلفاء المغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أصبحوا أكثر اقتناعاً بمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل قابل للتنفيذ ويحظى بدعم دولي متزايد.