احتجاجات أيت بوكماز تقسم أحزاب الأغلبية لـ”معسكرين”

خرجت ساكنة منطقة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية سلمية إلى مقر العمالة، تعبيراً عن التهميش الذي تعيشه المنطقة لعقود، وغياب أبسط مقومات العيش الكريم.

هذه الخطوة التصعيدية لم تكن عفوية، بل جاءت نتيجة تراكم الإحباط بسبب غياب البنيات التحتية الأساسية، وعلى رأسها الطرق، والصحة، والتغطية الهاتفية، والخدمات العمومية.

المحتجون طالبوا صراحة بإلغاء رخص البناء مؤقتاً إلى حين استجابة الدولة لمطالبهم، كما شددوا على ضرورة إصلاح الطرق الرابطة، خاصة الطريق الجهوية رقم 302 عبر ممر تيزي نترغيست والطريق رقم 317 عبر آيت عباس، وتوفير طبيب قار في المركز الصحي الوحيد بالمنطقة، إلى جانب تعزيز تغطية شبكة الهاتف والإنترنت.

السلطات تستجيب.. ولو جزئياً

التحرك الشعبي السلمي دفع السلطات الإقليمية بأزيلال إلى اتخاذ خطوات أولية نحو التفاعل مع مطالب الساكنة، حيث أكدت مصادر محلية لـ”بلبريس” أن عامل الإقليم أعطى تعليماته بإيفاد طبيب رئيسي إلى المركز الصحي القروي (المستوى 2)، كإجراء استعجالي لتقريب الخدمة الصحية من المواطنين.

كما تم توجيه مراسلات رسمية لشركات الاتصالات من أجل تحسين التغطية الهاتفية والإنترنت بالمنطقة، وهي الخطوة التي بدأت بعض الشركات فعلاً في تفعيلها.

لكن رغم ذلك، لا تزال الساكنة تترقب تفاعلاً أشمل، يعكس التزام الدولة بتعميم التنمية المجالية، بعيداً عن منطق الترقيع المؤقت أو الاستجابة الظرفية.

أخنوش: ما وقع استغلال سياسي

في أول تعليق له على احتجاجات آيت بوكماز، حاول رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، التخفيف من حدة الوضع، معتبراً أن الإنصات للمواطنين والاستجابة لأولوياتهم “حق” مشروع، غير أنه سرعان ما حوّل النقاش نحو توجيه اتهامات مبطنة لما وصفه بـ”الاستغلال السياسي” للاحتجاجات.

وقال أخنوش في مجلس المستشارين: “من أراد أن يكون رئيس جماعة أو جهة عليه أن يتحمل مسؤوليته، وما وقع في آيت بوكماز هو استغلال سياسي غير مقبول”، في إشارة إلى وسطاء سياسيين، اعتبر أنهم يحاولون تأجيج السكان لأغراض انتخابية.

رغم ذلك، لم يُخف رئيس الحكومة إقراره بأن وتيرة التنمية تختلف من منطقة لأخرى، مبرراً الأمر بمحدودية الإمكانيات وترتيب الأولويات، مؤكداً أن مشروع تقليص الفوارق الاجتماعية سيستمر لتشمل التنمية كل جهات المملكة.

“البام”: الهشاشة واقع لا يمكن إنكاره

على خلاف موقف رئيس الحكومة، أقر حزب الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات التحالف الحكومي، بمشروعية احتجاجات الساكنة، حيث أكدت منسقة قيادته الجماعية فاطمة الزهراء المنصوري أن “عدداً من المواطنين غير راضين عن الأوضاع”، وأن هناك “مؤشرات قوية على الهشاشة” في جماعات عدة بالمنطقة.

وأوضحت الوزيرة المكلفة بالتعمير وسياسة المدينة، أن وزارتها ساهمت في برنامج جهوي ضخم تصل قيمته إلى مليار و200 مليون درهم، لمعالجة هذه الإشكاليات البنيوية، في شراكة مع جهة بني ملال خنيفرة.

وأضافت المنصوري أن أول قرار اتخذته في الوزارة هو توسيع مفهوم “سياسة المدينة” ليشمل الجماعات القروية، وليس فقط المناطق الحضرية، في إشارة إلى توجه حكومي نحو العدالة المجالية.

من جانبه، شدد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل وعضو قيادة “البام”، على ضرورة تسريع وتيرة المشاريع، مشيراً إلى أن “تحقيق العدالة المجالية لم يعد خياراً بل ضرورة وطنية ملحة”.

صمت حزب الاستقلال يثير التساؤلات

في وقت اختار فيه حزب الأصالة والمعاصرة الوضوح في موقفه، وفضّل أخنوش إلقاء اللوم على الفاعلين المحليين، اختار حزب الاستقلال التزام الصمت رغم وجود برلماني له بالمنطقة، ويتعلق الأمر بعبد العالي بروكي، النائب عن دائرة دمنات.

هذا الصمت، بحسب مصادر سياسية، يطرح أكثر من علامة استفهام حول موقف الحزب من مطالب المواطنين، خاصة وأنه يُعدّ جزءاً من التحالف الحكومي، وكان يُعوّل عليه في أن يلعب دور الوسيط السياسي، كما دعا إلى ذلك رئيس الحكومة نفسه.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *