الهاكا تُشخّص اختلال تمثيل النساء في الأخبار وتدعو لإعلام أكثر إنصافًا

أطلقت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ورشة تفكير يوم 29 أبريل 2025، خصّصتها لموضوع تمثيل النساء في الأخبار، تزامنًا مع عرض شريط تحسيسي جديد يحمل عنوان “تمثيل النساء في الأخبار بالمغرب: رهانات مساواة مواطنة ودمج ديموقراطي”.

وجاءت هذه المبادرة ضمن جهود الهيئة لتكريس ثقافة المناصفة في المشهد الإعلامي، ومساءلة واقع الحضور النسائي في التغطيات الإخبارية، سواء من حيث الكم أو الكيف.

وجمعت الورشة ممثلين عن مؤسسات دستورية، من بينها مجلس النواب والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة التضامن، إلى جانب صحافيين من القطاعين العام والخاص، وخبراء في الإعلام الرقمي وممثلين عن المجتمع المدني.

وفتح هذا اللقاء المجال أمام نقاش تعددي تركز حول الأسباب الكامنة وراء التمثيل المحدود أو المشوّه للنساء في الأخبار، وسبل تجاوزه على المستويين المهني والثقافي.

إذ ناقش المشاركون أشكال التحيز التي ترافق التغطيات الإخبارية، وأجمعوا على أن ضعف تمثيل النساء لا يعود فقط إلى غياب الأطر القانونية، بل إلى ممارسات متجذّرة داخل غرف التحرير، تكرّس صورة نمطية تحصر النساء في أدوار اجتماعية أو مناسباتية، وتُقصي حضورهن كفاعلات في مجالات السياسة والاقتصاد والمعرفة.

في المقابل قدّمت رئيسة الهيئة، لطيفة أخرباش، نتائج دراستين أنجزتهما المؤسسة في إطار مشروع الرصد الإعلامي العالمي، وعرضت معطيات كمية ونوعية أظهرت استمرار تراجع حضور النساء كمصادر للخبر أو كمواضيع ذات صلة بالسياسات العمومية. وأشارت إلى أن الإعلام، في صورته الحالية، لا يزال يعكس اختلالًا عميقًا بين الخطاب الحقوقي والممارسة المهنية، وهو ما يتطلب مراجعة شاملة لآليات الإنتاج الإخباري.

وشدّد المتدخلون على أن تمكين النساء من الحضور المتوازن في الأخبار لا يمثل ترفًا، بل يعد شرطًا أساسيًا لدينامية ديمقراطية حقيقية، خاصة في ظل التحولات المجتمعية التي تشهدها المملكة. واعتبروا أن التمثيل العادل يساهم في خلق وعي جماعي أكثر نضجًا، ويؤسس لمساحات عمومية لا تُقصي أحدًا، خصوصًا في لحظة يُطرح فيها ملف إصلاح مدونة الأسرة على الطاولة.

فيما دعت الهيئة، من خلال هذه الورشة، إلى تعزيز التكوين في قضايا النوع داخل المؤسسات الإعلامية، وتشجيع الصحافيين على اعتماد زوايا جديدة في التغطية تتجاوز الصور النمطية. كما راهنت على بث الشريط التحسيسي على المنصات الاجتماعية لضمان أوسع انتشار للرسائل، واستثمار الوسائط الجديدة في إعادة تشكيل الوعي الإعلامي الجماعي تجاه قضايا النساء.

وجسّدت هذه المبادرة دور الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري كمؤسسة تعديلية لا تكتفي بمهام المراقبة، بل تسعى إلى تحفيز الفاعلين الإعلاميين على تبنّي ممارسات أكثر عدالة وتوازنًا.

وقدّمت بذلك نموذجًا في الترافع المؤسساتي الرصين من أجل إعلام لا يكتفي بنقل الواقع، بل يشارك في تغييره.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية