في خطوة تعكس ارتباكًا واضحًا داخل واحد من أهم أجهزة الوساطة في سوق الشغل، شرع يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، في البحث عن “بروفايل قوي” لقيادة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “أنابيك”، خلفًا للمديرة المُعفاة التي غادرت منصبها بعد حوالي 14 شهرًا فقط من التعيين.
الإعفاء الذي أثار الكثير من الأسئلة في الأوساط الإدارية والسياسية، لم يكن عاديًا؛ فقد تم وفق مصادر مطلعة بشكل شفوي أولاً من قبل الوزير السكوري، قبل أن يوقّع رئيس الحكومة عزيز أخنوش لاحقًا على القرار رسميًا. هذه الطريقة اعتُبرت مثيرة للجدل، خصوصًا أن المديرة كانت تدير الوكالة منذ 2022 بالنيابة، قبل أن يتم تثبيتها لاحقًا في المنصب.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث تراهن الحكومة على نجاح مخطط وطني طموح للتشغيل، يقوده السكوري تحت إشراف مباشر من رئيس الحكومة، لتقليص معدلات البطالة المرتفعة، عبر تنسيق متعدد الأطراف مع مختلف الوزارات والقطاعات الحيوية.
وتعد “أنابيك” حجر زاوية في هذا المشروع، وهو ما يفسر حرص الوزير على اختيار مدير جديد بمواصفات قيادية قادرة على تحريك المياه الراكدة، وتنزيل استراتيجية التشغيل بسرعة وكفاءة. وتفيد مصادر من داخل الوزارة أن السكوري يريد وجهاً “ميدانياً وفعالاً” بعيدًا عن منطق التعيينات السياسية أو الحزبية، لكنه في المقابل يواجه تحديات توازنات دقيقة داخل الإدارة والشارع المهني.
وفيما لم تُعلن بعد لائحة المرشحين النهائيين، تتحدث الكواليس عن سعي الوزير لخلق قطيعة مع الأساليب القديمة في تدبير ملف الشغل، خصوصًا بعد انتقادات متكررة من مؤسسات رقابية ومجتمعية لضعف أداء “أنابيك” في السنوات الأخيرة، وعجزها عن الاستجابة لتطلعات فئات واسعة من الشباب المعطل.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل يكون المدير الجديد للوكالة مجرد وجه جديد في إدارة قديمة، أم أن “أنابيك” ستشهد بالفعل انقلابًا في الأداء يترجم طموحات الحكومة؟