في صرخة إنسانية مدوية، أطلقت فعاليات مدنية سورية حملة واسعة النطاق للمطالبة بإنقاذ آلاف اللاجئين السوريين المحتجزين قسرًا في مخيمات ومواقع تحوّلت إلى مراكز احتجاز غير قانونية، بعضها تديره أنظمة تواطأت في الماضي مع نظام الأسد، وأخرى تلتزم الصمت أمام انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
هذه المطالبات تأتي في وقت تعيش فيه الساحة الإقليمية تحولات سياسية كبرى، تزامنًا مع انهيار نظام الأسد، ما يجعل استمرار احتجاز لاجئين فرّوا أصلاً من الاستبداد والحرب أمراً لا يمكن تبريره، ولا يليق بقيم ما بعد الثورة. الناشطون السوريون يؤكدون: “كفى استخدامهم كرهائن في صراعات لا تعنيهم!”
ووفق معطيات حقوقية مستقلة، يُحتجز أكثر من 3200 لاجئ سوري في ظروف مأساوية خارج إطار القانون، موزعين بين مراكز اعتقال ومخيمات في ليبيا، شمال شرق سوريا، والمناطق الحدودية لدول الساحل. وبينما تمكن نحو 100 إلى 120 لاجئًا من بلوغ مخيمات تندوف جنوب الجزائر، بعد فرارهم من نار النزاعات المسلحة، لا يزالون عالقين في “فراغ قانوني قاتل”، محرومين من أي حماية دولية حقيقية.
التحقيق الذي نشرته منصة “السراج” يكشف صورة مرعبة لانتهاكات عابرة للحدود: في ليبيا وحدها، يقبع 1700 لاجئ سوري في مراكز مغلقة يديرها فاعلون مسلحون، حيث تمارس أبشع صنوف الابتزاز والتعذيب، وسط غياب كامل للمساءلة.
أما في الجزائر، فإن اللاجئين السوريين العابرين من ليبيا إلى تندوف وجدوا أنفسهم في منطقة غامضة قانونياً، حيث تتناقض الروايات الرسمية مع شهادات حية توثق احتجازًا وانتهاكًا للكرامة. السلطات الجزائرية تنفي وجودهم، لكن المنصة وثقت أصواتهم وهم يروون قصص تهجير قسري، وصمت دولي قاتل.
الحملة السورية الجديدة تفتح هذا الملف المنسي على مصراعيه، مطالبة بتحقيق دولي، ومحاسبة المتواطئين، وإعادة الكرامة لهؤلاء اللاجئين الذين فرّوا من الجحيم، ليجدوا أنفسهم في أقفاص أخرى… أكثر ظلمة.