محمد الغلوسي يُفنّد قانونية إحالة تقارير مجلس الحسابات مباشرة على الشرطة القضائية

أثار الإعلان المتداول عن إصدار رئيس النيابة العامة المعين حديثاً تعليماته بإحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية على الشرطة القضائية جدلاً قانونياً واسعاً، بعدما شكك الفاعل الحقوقي محمد الغلوسي، في تدوينة نشرها، في مدى قانونية هذه الإحالة المباشرة، معتبراً أن الصيغة المتداولة في القصاصة الإخبارية “لا تستند إلى سند قانوني واضح”.

وأشار الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى أن المادة 111 من مدونة المحاكم المالية لا تمنح لرئيس النيابة العامة صلاحية مباشرة لإحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على الشرطة القضائية، مؤكداً أن المسطرة القانونية تفرض المرور عبر الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، الذي يملك وحده سلطة الإحالة على رئيس النيابة العامة بصفته الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.

وأوضح الغلوسي أن هذه الأخيرة – أي الإحالة عبر وكيل الملك لدى المجلس – هي الكفيلة قانوناً بجعل رئيس النيابة العامة يصدر تعليماته إلى الشرطة القضائية مرفقة بتلك التقارير، أو أن يحيلها بدوره على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المختصة للقيام بالمتعين قانوناً.

واعتبر الغلوسي أن ما جاء في القصاصة الإخبارية “يكرّس فهماً مبهماً” ويمنح رئيس النيابة العامة دوراً تنفيذياً لا تتيحه له النصوص الجارية بها العمل، لا سيما أن الصيغة المعتمدة تُوحي بأنه يضع يده تلقائياً على تلك التقارير، في حين أن الإجراء القانوني الصحيح يقتضي توصل النيابة العامة بها من طرف الجهة المختصة.

وتوقف الغلوسي عند مشروع قانون المسطرة الجنائية، لا سيما المادة 3 منه، التي تسعى إلى توسيع قائمة الهيئات والمؤسسات التي يحق لها إحالة تقاريرها ذات الصبغة الجنائية على النيابة العامة، مضيفاً أن هذا التوجه يروم تنظيم العلاقة بين المؤسسات الرقابية والنيابة العامة وفق مساطر مضبوطة ومؤطرة.

في المقابل، شدد الغلوسي على أن رئيس النيابة العامة يبقى ملزماً، بقوة القانون، بإحالة كافة التقارير الرسمية التي يتوصل بها – سواء من المجلس الأعلى للحسابات أو من غيره – والتي تتضمن وقائع ذات طابع جنائي، على الشرطة القضائية بغرض فتح أبحاث قضائية وتحريك المتابعة عند الاقتضاء.

لكنه أشار إلى أن ذلك يظل “تحصيل حاصل” ولا يحمل صفة “إنجاز” استثنائي كما قد يُفهم من بعض القراءات الإعلامية.

وفي سياق تتبع مسارات ربط المسؤولية بالمحاسبة، يسلط هذا النقاش القانوني الضوء على أهمية توضيح الأدوار الدستورية والقانونية للجهات القضائية والرقابية، في أفق بناء دولة المؤسسات، ومنظومة قضائية تستند على المشروعية القانونية لا على التأويلات.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *