في سياق الاهتمام المتزايد بالمشهد السياسي الإفريقي، أظهر تصنيف دولي جديد أن المغرب يواصل ترسيخ مكانته كواحد من أكثر الدول حيوية من حيث فعالية الأحزاب السياسية. فقد حصلت المملكة على المرتبة الثانية ضمن تصنيف شمل عشر دول إفريقية، استنادا إلى مؤشر يقيس مدى نشاط الأحزاب، حركيتها السياسية، قدرتها على التأثير، وتعددها داخل النظام السياسي.
هذا التصنيف، الصادر عن منصة “ذي أفريكان إكسبونينت” المتخصصة في التحليلات الاقتصادية والسياسية، منح المغرب معدل 5.68 نقط من أصل 10، وهو ما يعكس تعددية حزبية حقيقية تتنافس في فضاء ملكية دستورية اختارت مبدأ الديمقراطية البرلمانية، مع برلمان منتخب وحكومة مشكلة من تحالف سياسي متعدد المشارب.
في مقابل ذلك، تصدرت ليبيريا التصنيف القاري بمتوسط 6.44 نقط، نتيجة انفتاح المشهد السياسي فيها بعد سنوات من الحرب، مع حضور قوي للأحزاب الصغيرة والتحالفات المتحركة التي تمنع أي طرف من السيطرة المطلقة على الأغلبية. تنزانيا حلت ثالثة بواقع 5.64 نقط، رغم استمرار هيمنة حزبها الحاكم منذ عقود، في حين احتلت ملاوي المركز الرابع.
التقرير أشار إلى أن المغرب يعرف منذ سنوات تزايدا لافتا في عدد الأحزاب النشطة، مع تنوع مرجعياتها بين ليبرالية، إسلامية ويسارية، حيث تتنافس ضمن مشهد انتخابي يتطور تدريجيا. كما أن التحالفات السياسية تعتبر جزءا أساسيا من آلية تدبير الشأن العام، خصوصا أن الحكومة الحالية تمثل تحالفا بين ثلاثة أحزاب رئيسية، جاء عقب هزيمة حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2021.
المفارقة التي سجلها التقرير أن عددا من الدول الإفريقية لا تزال تعيش تحت قبضة أنظمة الحزب الواحد أو السيطرة المفرطة لحزب حاكم، وهو ما يقلل من هامش التعددية، في حين أن المغرب، رغم التحديات، يكرس نظاما حزبيا تنافسيا يسعى للحفاظ على استقراره السياسي عبر تحالفات متوازنة. التعددية السياسية في إفريقيا، وإن شهدت بعض الانتكاسات في دول مثل بوركينا فاسو أو إفريقيا الوسطى، إلا أن دولا أخرى كالمغرب تمثل نماذج واعدة في طريق تطوير المشهد الحزبي، بما يسمح للناخب باختيار سياسي أوسع