سلطت صحيفة “أتلايار” الإسبانية الضوء على ما وصفته بالهوس المرضي الذي يطبع سلوك النظام العسكري الجزائري تجاه المغرب، معتبرة أن هذا الانشغال المفرط بالمملكة لا يعكس سوى عمق الأزمة النفسية والسياسية التي يعيشها النظام الحاكم في الجزائر. وطرحت الصحيفة في مقال تحليلي مطوّل سؤالاً مركزياً: لماذا لا تستطيع الجزائر التوقف عن الحديث عن المغرب؟ لتُخرج من خلاله قراءة دقيقة في طبيعة هذا السلوك العدائي المستمر.
المقال كشف أن وسائل الإعلام الجزائرية، وعلى رأسها وكالة الأنباء الرسمية والقنوات العمومية، تكرّس ما يقرب من 80% من تغطيتها لتشويه صورة المغرب، في حملة تبدو ممنهجة، وتتماهى تماماً مع خطاب السلطة الحاكمة في البلاد. وتوقفت الصحيفة عند التحول المقلق للإعلام الجزائري إلى أداة دعاية رخيصة، لا تتردد في اختلاق الوقائع وتلفيق الاتهامات، سواء تعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية، أو باتهامات لا أساس لها حول التجسس والتآمر.
لكن الظاهرة، كما تشير الصحيفة، لا تقف عند الإعلام، بل تتجاوز ذلك لتشمل المؤسسات الرسمية للدولة، بدءًا من الجيش والدبلوماسية، وصولاً إلى الأحزاب السياسية التي باتت تُجمع بشكل هستيري على مهاجمة المغرب، حتى في مناسبات لا علاقة له بها. بل إن بعض الدبلوماسيين الجزائريين، تضيف الصحيفة، دأبوا على إطلاق تصريحات عدائية ضد المملكة في محافل دولية لا يكون المغرب طرفاً فيها أصلاً، ما يعكس حالة فقدان للبوصلة واستسلاماً كاملاً لمنطق العداء العبثي.
التحليل الذي قدمته “أتلايار” اتخذ بُعداً نفسياً أيضاً، إذ اعتبرت أن النظام المغربي، بنظامه الملكي العريق واستمراريته المؤسساتية، يمثل لدى النظام الجزائري عقدة تاريخية دفينة، تعود جذورها إلى الفارق بين التجربتين الاستعماريتين: الحماية الفرنسية في المغرب التي حافظت على وحدة الدولة، مقابل الاستعمار المباشر في الجزائر الذي دمّر مؤسساتها التاريخية. هذا الفارق، بحسب الصحيفة، رسّخ في لاوعي النظام الجزائري شعوراً بالنقص تجاه المغرب.
من الناحية الجيوسياسية، أوضحت الصحيفة أن المملكة المغربية تواصل تحقيق نجاحات دبلوماسية متتالية، وتكسب دعماً متزايداً في ملف وحدتها الترابية، في وقت يشهد فيه الدور الجزائري انكماشاً واضحاً، خصوصاً بعد تآكل مصداقية الطرح الانفصالي الذي ترعاه وتموله بلا هوادة. هذه الانتكاسات المتتالية تُعمّق من أزمة النظام العسكري الذي بات يرى في أي تقدم مغربي تهديداً وجودياً له.
وخلصت الصحيفة إلى وصف سلوك النظام الجزائري بأنه تجسيد لـ”جنون العظمة المؤسسي”، حيث تسيطر عليه هواجس غير عقلانية بوجود مؤامرات مغربية دائمة، تشمل التجسس والتحالفات الدولية وتمويل الحركات الداخلية. هذه الهستيريا الجماعية، تضيف “أتلايار”، لا تعكس فقط خللاً في أولويات الحكم بالجزائر، بل تفضح أيضاً هشاشة نظام لا يستطيع التعايش مع نجاح جارٍ يتقدّم بثبات، بينما هو يغرق في فشله المزمن.