بجرأته العفوية ميداوي يؤكد: المسؤولية جماعية في التصدي لظواهر الفساد داخل الجامعة

في معرض رده على أسئلة السادة النواب خلال جلسة برلمانية، أعرب وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، السيد عز الدين ميداوي، عن أسفه الشديد وقلقه العميق إزاء بعض الممارسات السلبية التي تمس بصورة الجامعة المغربية، مشددًا على أن هذه المظاهر لا تعكس واقع الجامعة ككل، بل تمثل حالات معزولة ودخيلة، تستوجب مواجهة جماعية ومسؤولية مشتركة.

وقال الوزير، إنه يشعر “بالحزن والأسف والإحراج كمواطن مغربي، وكمسؤول عن قطاع استراتيجي”، مؤكدًا أن “هذه السلوكات لا تمثل القاعدة، وإنما تبقى محدودة ومرفوضة، ولا ينبغي تعميمها على كافة مكونات الجامعة المغربية”.

*المسؤولية مشتركة ولا استثناء لأي طرف*

وأوضح الوزير ميداوي أن مواجهة هذه الظواهر تقتضي اعتراف الجميع بمسؤوليته، حيث لا يمكن لأي جهة أن تتنصل منها. وأضاف: “من يُقدّم الرشوة يتحمّل المسؤولية مثل من يتلقّاها”، مؤكدًا أن “المسؤولية في هذه القضايا تمتد من الطالب، إلى الأستاذ، إلى الإداري، إلى المسؤول على مستوى المؤسسة والجامعة والوزارة”.

وفي هذا السياق، دعا الوزير إلى التعاون والتنسيق بين جميع مكونات المنظومة الجامعية من أساتذة، ومسؤولين إداريين، ورؤساء مؤسسات، وشركاء اجتماعيين، بهدف الحد من هذه التصرفات، والتصدي لها في إطار واضح من المسؤولية الأخلاقية والإدارية.

*الإبلاغ والتبليغ.. غياب ثقافة التفاعل*

وتأسف الوزير لضعف ثقافة التبليغ داخل الفضاء الجامعي، مشيرًا إلى أن آليات مثل الخط الأخضر أو التواصل مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة تبقى متاحة، غير أن اللجوء إليها لا يزال محدودًا. كما نوه إلى ضرورة تعزيز اليقظة، وتفعيل قنوات التبليغ، باعتبارها مدخلًا أساسيًا لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات المناسبة.

*الجامعة المغربية تواجه تحديات هيكلية*

في حديثه عن الأسباب العميقة التي قد تُغذي بعض الاختلالات، أشار الوزير إلى عدد من التحديات الهيكلية التي تواجه الجامعة المغربية، من بينها:

الارتفاع المستمر في عدد الطلبة،

ضعف التأطير البيداغوجي والإداري،

الاكتظاظ داخل المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح،

تقادم النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة لسلكي الماستر والدكتوراه،

الحاجة إلى مراجعة شاملة لدفاتر الضوابط البيداغوجية والقوانين المنظمة للتعليم العالي.

*إصلاح شامل لقانون التعليم العالي*

وفي إطار ورش الإصلاح، أكد الوزير أن الوزارة تعمل حاليًا على إعادة صياغة مشروع قانون جديد للتعليم العالي يستجيب للتحولات العميقة التي شهدها القطاع والبلاد عمومًا.

ويهدف المشروع إلى تعزيز استقلالية الجامعات، مقابل تكريس مبدأ المحاسبة. وسيتم في هذا الإطار إحداث “مجلس استراتيجي” على مستوى كل جامعة، برئاسة شخصية وطنية وازنة، يُعنى حصريًا بتحديد التوجهات الاستراتيجية وتتبع تنفيذها، دون التدخل في التدبير اليومي، الذي يبقى من اختصاص رؤساء الجامعات.

وأوضح السيد ميداوي أن رؤساء الجامعات سيكونون ملزمين بتقديم حصيلة أعمالهم وبرامج عملهم أمام المجلس الاستراتيجي، بما يُكرّس الشفافية والحكامة الجيدة داخل المؤسسات الجامعية.

*إعادة هيكلة الخريطة الجامعية وفق معايير دولية*

وفي سياق متصل، أكد الوزير أن الوزارة تشتغل على إعادة هيكلة الخريطة الجامعية على أسس ومعايير دولية، مشيرًا إلى أن بعض الجامعات، على غرار جامعة أكادير، تغطي مساحات جغرافية شاسعة، ما يجعل تدبيرها بشكل فعّال تحديًا حقيقيًا.

كما أشار إلى توجه الوزارة نحو تقسيم الكليات الكبرى حسب الحقول المعرفية (الحقوق، العلوم الاقتصادية…)، وتحويلها تدريجيًا إلى مؤسسات متعددة التخصصات، إلى جانب تقليص نسبة الولوج المفتوح واعتماد الانتقاء في بعض الشعب، وفق ضوابط شفافة ومنصفة.

*ميثاق وطني للمسؤولية المجتمعية داخل الجامعة*

كشف الوزير كذلك عن إعداد ميثاق وطني جديد يهم المسؤولية المجتمعية للأفراد والمؤسسات الجامعية، يهدف إلى تخليق الحياة الجامعية، وتعزيز القيم، وتكريس مبادئ النزاهة والشفافية داخل الوسط الجامعي.

*إصلاح الماستر والدكتوراه.. وضرورة ضبط المعايير*

وحول الجدل المرتبط بولوج سلك الماستر، أوضح الوزير أن التوجه الجديد يقوم على التمييز بين “ماسترات التميز” التي سيُعتمد فيها الانتقاء، و”الماسترات العادية” التي سيفتح الولوج إليها بشكل تلقائي أمام كل الحاصلين على شهادة الإجازة، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول الأوروبية.

وأضاف أن نسبة المقاعد المخصصة لغير الطلبة تخضع حاليًا للمراجعة، ضمن رؤية تهدف إلى ضبط المعايير، وضمان الإنصاف، وتيسير التكوين المستمر للمهنيين.

وفي ختام مداخلته، شدد الوزير على أن الوزارة تعمل على إعداد نظام معلوماتي مندمج، يشمل جميع المعطيات المتعلقة بالتدبير الجامعي، من أجل تحسين النجاعة، وضمان تتبع دقيق لكل العمليات البيداغوجية والإدارية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية