كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في نتائج البحث الوطني حول الوحدات الإنتاجية غير المنظمة للفترة 2023-2024، أن الإكراهات الاقتصادية تمثل الدافع الأساسي وراء إحداث هذه الوحدات، خاصة من طرف النساء، حيث تبين أن 68,3 في المائة من أرباب هذه الوحدات لجؤوا إليها بدافع الحاجة، مقابل 31,7 في المائة فقط اختاروا هذا النشاط بمحض إرادتهم أو بدافع تقليد عائلي.
النساء في الواجهة: الضرورة أكثر من الاختيار
وأبرزت المعطيات أن نسبة النساء اللواتي انخرطن في هذا النوع من النشاط بسبب الضرورة بلغت 71,9 في المائة، مقابل 65,1 في المائة من الرجال. كما تعاني النساء من صعوبات أكبر في التوفيق بين متطلبات العمل والتزامات الأسرة، حيث صرحت 30 في المائة منهن بذلك، مقابل 8,1 في المائة فقط من الرجال.
قبل التأسيس: الرجال أكثر نشاطًا في سوق الشغل
وقبل إنشاء وحداتهم الإنتاجية، كان أغلب أرباب الوحدات (78,8 في المائة) يمارسون نشاطًا مأجورًا، لاسيما في قطاع البناء والأشغال العمومية (81,4 في المائة). وسجل البحث تفاوتًا بارزًا بين الجنسين، حيث كان 82,3 في المائة من الرجال نشيطين مشتغلين، في حين لم تتجاوز النسبة لدى النساء 36,1 في المائة.
وأشارت الدراسة إلى أن ما يقارب 60 في المائة من أرباب الوحدات كانوا أجراء سابقًا، بينما اشتغلت 38,3 في المائة من النساء لحسابهن الخاص، مقارنة بـ27,6 في المائة من الرجال.
التمويل الذاتي: القاعدة شبه المطلقة
وبيّن البحث أن 72,2 في المائة من الوحدات تم تأسيسها بتمويل ذاتي، مقابل اعتماد محدود على التمويلات المنظمة؛ إذ لم تتجاوز نسبة اللجوء إلى القروض البنكية 1,1 في المائة، والقروض الصغرى 0,8 في المائة. ويمتد هذا النمط إلى تسيير الوحدات، حيث تعتمد 91 في المائة منها على مواردها الخاصة.
كما أن 2,1 في المائة فقط من أرباب هذه الوحدات يتوفرون على حساب بنكي خاص بالنشاط المهني، بينما لم يسبق لـ97,9 في المائة منهم طلب قرض بنكي، لأسباب تتعلق أساسًا برغبتهم في تجنب الاقتراض (56,6 في المائة)، أو لغياب الحاجة (11 في المائة)، أو بسبب عراقيل بنيوية كاشتراط ضمانات مرتفعة (20 في المائة) أو الوضعية القانونية غير الملائمة (2,6 في المائة).
تراجع في نسبة الأسر المالكة للوحدات غير المنظمة
وفي ما يخص تطور الظاهرة، أظهرت الدراسة تراجع نسبة الأسر المالكة لوحدة إنتاجية غير منظمة من 15,5 في المائة سنة 2014 إلى 14,3 في المائة سنة 2023، في كل من الوسط الحضري (من 17,2 إلى 15,6 في المائة) والقروي (من 12,8 إلى 11 في المائة).
وتزداد هذه النسبة حسب حجم الأسرة وعدد النشطين بها، حيث ترتفع من 5,2 في المائة لدى الأسر المكونة من فرد واحد إلى 24,4 في المائة لدى الأسر التي تضم ثمانية أفراد فأكثر، ومن 20,6 في المائة لدى الأسر ذات نشيط واحد إلى 37,6 في المائة في حال وجود ثلاثة نشيطين فأكثر.
القطاع غير المنظم: تشغيل مرتفع… وتأطير ضعيف
بلغت نسبة التشغيل في القطاع غير المنظم سنة 2023 حوالي 33,1 في المائة من إجمالي التشغيل غير الفلاحي، متراجعة بـ3,2 نقاط مقارنة بسنة 2014. وسُجل هذا الانخفاض أساسًا في قطاعي الصناعة والخدمات، مقابل ارتفاع في التجارة والبناء.
وعلى مستوى الحجم، ارتفع عدد مناصب الشغل بالقطاع من 2,37 مليون سنة 2014 إلى 2,53 مليون سنة 2023، أي ما يعادل 157 ألف منصب إضافي. ويمثل قطاع التجارة أبرز مجال للتشغيل بنسبة 44,1 في المائة، يليه قطاع الخدمات (28,7 في المائة)، الصناعة (15 في المائة)، ثم البناء والأشغال العمومية (12,2 في المائة).
ويتركز معظم هذا التشغيل في الوسط الحضري (77,6 في المائة)، وتتقدم جهة الدار البيضاء–سطات على المستوى الجهوي بنسبة 23,2 في المائة، متبوعة بجهة مراكش–آسفي (14 في المائة) وجهة الرباط–سلا–القنيطرة (12,9 في المائة).
الشغل المأجور في وضع هش
أما الشغل المأجور ضمن هذا القطاع، فلا يمثل سوى 10,4 في المائة من مجموع التشغيل، وتتم أغلب علاقاته عبر وساطات عائلية أو شخصية (77 في المائة)، في حين يشتغل 60 في المائة من هؤلاء دون أي عقد عمل. وتُسجل أعلى نسب هذا النوع من التشغيل في قطاعي الصناعة (17,2 في المائة) والبناء (15,9 في المائة).
ويهدف هذا البحث الوطني، الذي استند إلى عينة مكونة من 12.391 وحدة، إلى تحيين معطيات حول خصائص القطاع غير المنظم، وسبل إدماجه في الاقتصاد الوطني، ومساهمته في خلق الثروة والتشغيل. وتم جمع المعطيات ميدانيًا على مدى سنة كاملة، من أبريل 2023 إلى مارس 2024، مراعاةً للتغيرات الموسمية.