تقسيم كليات الحقوق دون تقييم عميق لتقسيم كليات سطات والقنيطرة محاط بكثير من المخاطر

نشر بالجريدة الرسمية في عددها 6924 الصادر بتاريخ 8 أكتوبر 2020، المرسوم رقم 2.20.472 القاضي بإعادة تنظيم مؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المفتوح، والذي نص في مادته الثانية على إحداث بنيات أكاديمية جديدة أكثر تخصصًا، من قبيل “كليات العلوم القانونية والسياسية” و”كليات الاقتصاد والتدبير”، وذلك في إطار مراجعة هيكلية تروم تجاوز نموذج الكليات متعددة التخصصات.

لكن وبعد مرور سنوات على صدور هذا المرسوم، وفي خضم تجدد النقاش البرلماني والجامعي حوله، وتصريحات وزير التعليم العالي عز الدين ميداوي بشأن تفكيك الكليات الكبرى، برزت تساؤلات عديدة حول جدوى هذا الإصلاح وفعاليته العملية.

وفي تصريح خص به جريدة “بلبريس”، قال الدكتور جواد النوحي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – جامعة محمد الخامس بالرباط، ورئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية إن هذا التوجه ليس مستجدًا، بل سبق تجريبه في كل من سطات والقنيطرة، حيث تم فصل الكليات إلى “كلية العلوم القانونية والسياسية” و”كلية الاقتصاد والتدبير”.
إلا أن التجربة  أبانت عن نوع من المحدودية، مشددًا على أن “نجاح أي مشروع إصلاحي يظل رهينًا بتقييم قبلي دقيق، وهو ما لم يتم بالشكل المطلوب”.

وأضاف المتحدث أن الحاجة إلى أي إصلاح ينبغي أن تُسبق بتقييم قبلي، مشددًا على أن “هذا أمر أساسي”، ومؤكدًا في الآن ذاته على ضرورة تقييم بعدي كذلك، للتساؤل: “في ماذا نجحنا؟ ولماذا نجحنا في هذا الإطار؟”.

وأوضح الدكتور جواد النوحي أن مشروع تقسيم الكليات واجه صعوبات عملية داخل بعض المؤسسات، من بينها غياب مقرات مستقلة لكل كلية، مما أدى إلى تواجد كليتين داخل مبنى واحد، وهو ما خلق ارتباكًا في تنظيم الدروس وتدبير جداول الامتحانات. واعتبر أن هذه الإشكالات أثرت سلبًا على السير البيداغوجي العادي، وهو ما يستدعي وقفة تقييمية قبل المضي في تعميم الإصلاح.

أما بخصوص التوقيت، فأشار إلى أن الوزير الحالي يطرح هذا الإصلاح في السنة الأخيرة من عمر الحكومة، متسائلًا عن مدى استمرارية المشروع في حال تغيّرت التركيبة الحكومية بعد الانتخابات المقبلة. وقال: “هاجس العاملين في القطاع هو أن الإصلاحات كثيرًا ما تتوقف بمجرد مغادرة الوزير، فنجد أنفسنا أمام مسارات تتغير باستمرار، ويبدأ فيها إصلاح ثم يُعدّل دون استقرار أو رؤية بعيدة المدى”.

وختم الدكتور النوحي تصريحه بالتنبيه إلى أن “الإصلاح، وإن بدا تقنيًا، يكتسي طابعًا جوهريًا، ويتطلب خلق ثقافة مؤسساتية جديدة تقوم على توحيد الرؤية وتوسيع دائرة الفاعلين المشاركين فيه، بدل الاقتصار على نماذج دولية لا تراعي الخصوصيات الوطنية، ودون تقييم عميق للتجارب السابقة”.

وفي نفس السياق اشار عميد فضل عدم ذكر اسمه أن تقسيم كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية إلى كليات للعلوم القانونية والسياسية وكليات للاقتصاد والتدبير محاط بكثير من المخاطر وغير مبني على أبحاث ودراسات صلبة وعلمية يؤطرها المبدأ الدستوري ألا وهو الديمقراطية التشاركية.

ومن أهم مخاطر هذا التقسيم ذكر ما يلي:

-قلة الموارد البشرية على مستويات الأساتذة والإداريين،في مقابل تناقض تزايد عدد الطلبة الملتحقين سنويا بالجامعات مقابل تراجع المناصب المالية الخاصة بتوظيف الاساتذة والاداريين سنويا.

– ضعف الموارد اللوجستيكية ،قلة البنايات ،المدرجات والبنيات التحتية،فجل كليات الحقوق حاليا تعاني من مشاكل لوجستيكية رهيبة فما بالك حينما تقسم نفس الكليات الى كلتين.

-مشاكل تدبيرية ،حاليا كليات الحقوق يترأسها عميد واحد وثلاث نواب،اما حينما تقسم فيجب تعيين عميدين: عميد لكلية العلوم القانونية والسياسية ،وآخر لكليات الاقتصاد والتدبير مع ثلاث نواب لكل عميد ،كاتب عام لكل عميد ،وهو مايعني تضاعف عدد العمداء ونوابهم، الأمر الذي يتطلب إيقاف عملية تعيين العمداء الجارية حالا  بكل كليات الحقوق في انتظار تقسيم الكليات ،وتعيين عمداء جدد: عميد لكلية العلوم القانونية والسياسية ،وعميد لكليات الاقتصاد والتدبير، الأمر الذي يتطلب تعيين مئات العمداء وتوفير موارد بشرية ،مالية ولوجستيكية وبنيات تحتية ضخمة

-العودة  لقرار تقسيم كليات الحقوق من جديد دون تقييم موضوعي لتقسيم كليات الحقوق بجامعة الحسن الاول بسطات وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة هو خطأ منهجي فادح ،وحسب اتصال لبلبريس ببعض الطلبة والاداريين والاساتذة بالكليات السابقة الذكر ،اشتكى جلهم من تقسيم هذه الكليات من ضعف فاعليته ، مشيرين ان  تنزيل تقسيم كليات الحقوق تنزيلا سليما بحاجة لاعادة النظر في كل حيتياته، لان التقسيم الحالي خلق عدة مشاكل ويعاني من عدة اختلالات،وما على الوزارة الا القيام ببحث ميداني بجامعتي سطات القنيطرة لتقف على على هذه الاختلالات.

– اختيار الوزير تنزيل هذا التقسيم في هذا التوقيت بالذات غير موفق، لكونه يتزامن مع السنة الأخيرة للحكومة الحالية و لولاية الوزير نفسه، ما يعني ان قضية الاستمرارية في تنفيذه تفرض نفسها في حالة تغيير الحكومة التي ستفرزها الانتخابات التشريعية المقبلة وتغيير الوزير الحالي بوزير آخر له أولويات أخرى ،لان تاريخ إصلاح التعليم العالي بالمغرب قد عودنا انه من سوء إصلاح منظومة التعليم العالي بالمغرب انها خاضع لمزاج الوزير أكثر  من خضوعه للمؤسسة.

– رهان التقسيم  على فلسفة المعاهد يبقى تكتيكيا خيارا جيدا لكن استراتيجيا يبقى خيارا خاطئا لان التوجه العالمي نحو جامعات الجيل الجديد يراهن على القطبية.

اخيرا ، نقول فكرة تقسيم كليات الحقوق لكلية العلوم القانونية والسياسية ولكلية الاقتصاد والتدبير قرار صائب لكنه بحاجة للتريث ،ولمزيد من الوقت وتوفير الشروط الذاتية والموضوعية بشريا ،اداريا ،ماديا ولوجستيكيا ،وتقييم تجربة تقسيم كليات الحقوق بسطات وبالقنيطرة بهدف تحديد نقط الضعف والقوة في تقسيم هذه الكليات قبل تقسيم باقي كليات الحقوق الاخرى التي ما زال يحيط بها الكثير من النقط الرمادية.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *