لم تكن كرة القدم يوما مجرد لعبة، بل كانت ولا زالت وستبقى مسرحا للدروس والعبر في مختلف المجالات والصلات المرتبطة بالإنسان والحياة، الإنسان بمعناه الكوني، والحياة بمعناها المشترك، الحياة التي يعيش فيها الكل بمختلف الأعراق والأجناس والألوان تحت سقف عالم واحد، فنجد مدرجات ملاعب كرة القدم تأرخ لرفع شعارات ضد العنف والعنصرية ومختلف الظواهر السلبية في مختلف المجتمعات، ونجد اللاعبين في المستطيل الأخضر يعبرون عن التضامن مع ما لد وطاب من القضايا العادلة ويرتدون أقمصة تحمل شعارات الحب والسلام، ونجد كل مكونات المستديرة عبر العالم تقف وقفة رجل واحد في أي لحظة تستدعي الوقوف، مثلما حدث في اللحظة التي سقط فيها “كريستيان إريكسون” في المباراة التي جمعت منتخب بلاده ” الدنمارك” ضد منتخب “فنلندا”، ضمن مباريات يورو 2020، لحظة سارع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى التعبير عن هذا الوقوف، بالاعلان عن توقيف اللقاء إلى حين معرفة مستجدات الحالة الصحية للاعب، وهنا يقف التاريخ “لعظمة كرة القدم” وفيه التبجيلا، كأنه وعلى حد قول الشاعر، كاد نبضه الساحر أن يكون “رسولا”، هو في مقام المعلم، والوقوف احتراما لأي معلم من أساتذة الحب والانسانية في الحياة لا يقبل التأجيلا.
هي أولى المشاهد التي نقف عندها في هذه السلسلة الخاصة على جرتكم بلبريس” زوم على اليورو” وعندما نركز العدسة في هذا المشهد، يبرز عنوان عريض، تحدتث عنه المنابر الاعلامية والاصوات البشرية، ألا هو ” إصابة كريستيان إريكسين تعيد لكرة القدم رسائلها السامية عن الإنسانية والحياة “، وفي هذا العدد سنجرد لكم أهم 21 رسالة من هذه الرسائل وأعظمها لعلها تكون في مقام حدث من أعظم أحداث القرن 21، في يورو 20،20 استثنائي يقام في 2021، لنعود إليها عند الحاجة لحظة سفرنا في المستقبل، ولنذكر بها عشاق كرة القدم عند الضرورة.
1– الحياة أهم من مباراة كرة قدم:
في الزمن الذي نشاهد فيه الكثير من المشاهد المؤسفة المرتبطة بالتعصب لنادي أو منتخب، والتي يذهب ضحيتها مشجعون، أو يهان من خلالها لاعبون داخل رقعة الملاعب بسبب لونهم أو دينهم، هنا يعلن الإتحاد الدولي لكرة القدم عن رسالة مفادها ” حياة الإنسان أهم من كرة القدم، فيوقف المباراة، ويعلن عبر بيان ىله ” أن المباراة ستتوقف لدواعي صحية طارئة” ساعتين من الزمن، فصلتنا عن كل إهتماماتنا وتوجهنا فيها لتقدير قيمة الانسان وقيمة الحياة.
2 – العلم نور والطب من أعظم مصابيحه:
في هذه المباراة، برزت أهمية الاسعافات الأولية، وأهمية تكوين اللاعبين في هذا الشق، ثم أهمية الطب في حياتنا، اللاعب كان في لحظة السقوط في عداد الموتى، وعلى مدار 10 دقائق تدخل الطاقم الطبي لانقاد اللاعب داخل الملعب.
في معلومة ذكرتها تقارير صحفية، وأكدها لنا الطبيب علاء الجلدي، طبيب عام بمدينة طنجة، انه في حالة حدوث السكتة القلبية cardiac arrest يصبح أمام الإنسان 3 دقائق فقط قبل التأثير على المخ global cerebral ischemia، ويصبح هذا التأثير لا رجعة فيه irreversible damage بعد ذلك بـ 5 دقائق فقط، وتحدث الوفاة بعد حاولي دقيقتين.
الطاقم الطبي” أنقذ حياة اللاعب الدنماركي إريكسون بواسطة الإنعاش القلبي الرئوي CPR و استخدام الصدمات الكهربائية AED قبل مرور تلك الدقائق، فاستطاع اللاعب العودة لكامل وعيه، وبعد التأكد من استقرار حالته الصحية استئنفت المباراة مجددا”.
3- أهمية فن القيادة داخل “الفريق” وقيمتها لحظة الأزمات:
في أي سفينة يراد لها أن تصل لبر الأمان، لا بد من وجود قائد ملهم، وفي فترة الأزمات، تظهر معالم القيادة الحقيقية، القيادة المتبصرة التي تمكن صاحبها من إتخاد القرار الصحيح في أسرع وقت ممكن، هذه الشروط وغيرها تنطبق على قائد المنتخب الدنماركي ” كيير”، القائد الذي ألهم عشاق المستديرة، بتحركاته مند سقوط زميله، تقديم الاسعافات الأولية، ثم المناداة بسرعة على الطاقم الطبي، وتوجيه اللاعبين لإقامة حائط يمنع تصوير المشهد المأساوي احتراما لخصوصية المريض، وتوجهه صوب زوجة صديقه لمواساتها، كلها سلوكات تبين أهمية امتلاك فن القيادة داخل المجموعة، وقيمتها في فترة الأزمات.
4- روح المجموعة، قيمة التضامن في المنتخب لحظة الأزمة:
توجهت عيون اللاعبين صوب زميلهم وهو ملقى على الأرض، وبعد ذلك توجهت صوب المدرجات استجابة لأمر قائدهم بالالتفاف حول زميلهم، بدون تسرع، وبدون زيادة او نقصان، وبتحكم في مشاعرهم وعواطفهم، لم يغلب الحزن عليهم في لحظة الازمة، ولم يقم أي منهم بأي سلوك زائد قد لا يكون في محله، احترمو تخصص الأطقم الطبية وتخصص قائدهم في توجيههم لما يجب فعله.
5- المشاعر الإنسانية تجتاح العالم بكل ألوانه:
لم نسمع في هذه الأزمة عبارة من قبيل ” إنه ليس مسلم فلا يجب التضامن معه” ، بل سمعنا من خلال محيطنا عباراة ” إنه إنسان ويجب ان ندعو له ونتضامن معه”، الكل مر من لحظة عصيبة، وكأنه يفقد عزيزا قريبا على القلب والفؤاد.
6- الصحافة” صاحبة الجلالة” في قلب الحدث للتغطية بمهنية وروح إنسانية:
في الكثير من المشاهد المماثلة، يتجاوز الصحافي حدوده الإنسانية ويبررها بدواعي مهنية لتحقيق السبق الصحفي بمعناه المهني، او “البوز ” بمعناه الرقمي، لكن في هذه الحالة، ومن خلال الاطلاع على تغطية مجموعة من المنابر الاعلامية الدولية والوطنية، نلمس حسا إنسانيا في التغطية المهنية، احترم الجميع خصوصية اللحظة، وقام العديد من الصحفيين بتطبيق وظائف الاعلام ” الاخبار والثثقيف” وتخلو عن وظيفة الترفيه، فاانصب الاهتمام على إخبار المتابعين عبر العالم بأخبار اللاعب، وتثقيفهم بكل ما من شأنه تنوير الرأي العام العالمي حول نوعية الاصابة ومستجدات الحالة الصحية، ولم نشاهد صورة او خبرا “إلا نادرا” ، من الصحفيين المهنيين، نلمس فيه غاية تبرر وسيلة تتجاوز الخطوط الحمراء، وفي ذلك معنى من معاني جلالة هذه المهنة العظيمة التي لا يمكن أن يمارسها من هب ودب.
7- القانون وروح القانون: أريكسون رجل المباراة رغم خسارة منتخبه
هناك بعض القواعد في الحياة يجوز كسرها في بعض الحالات التي تستدعي ذلك، هناك القانون وهناك ما يسمى بروح القانون، قاعدتين تما تطبيقهما بالحرف، إبان الإعلان عن ” رجل مباراة منتخبي فلنلندا والدنمارك”، إلتفاتة تاريخية يسجلها التاريخ بماء من ذهب، الفرد فيها كان أهم من المجموعة، بل أهم من المجموعتين، ولم نشاهد أي اعتراض من الفريق الفائز، الكل رحب بالقرار وصفق له بحرارة، لأن الحالة تستحق عن جدارة.
8- حالة إريكسين تعيد للذاكرة الكروية تذكر أسماء سقطت في الملاعب:
في تقرير مطول لموقع ” كورة” ، أشار إلى أسماء اللاعبين اللذين سقطو في رقعة ملاعب كرة القدم في حالات حرجة .
إستهل التقرير بذكر اللاعب “فابريس موامبا” الذي كان يلعب حينها لفريق بولتون واندرارز في إحدى مباريات كأس الاتحاد الانجليزي، واعتبر ميتا لما يناهز 78 دقيقة، قبل أن يعود القلب للعمل مجددا ، وبعمر 24 اضطر اللاعب للاعتزال.
وفي حالة ثانية مختلفة كان الموت فيها سيد المشهد الختامي سقط اللاعب مارك فيفيان فويه، لاعب وسط المنتخب الكاميروني ، في مباراة لحساب إحدى جولات كأس القارات في 2003، وفشلت محاولات الإسعاف، ثم أعلن عن وفاته.
أما الحالة الثالثة التي نختارها لكم من التقرير المذكور، فكانت للاعب أنطونيو بويرتا لاعب اشبيلية في مباراة ضد خيطافي في موسم 2007/2008، هذا اللاعب وقف بعد سقوطه وخرج ممتطيا قدميه من الملعب، لكنه وقع في حالة إغماء مجددا بالمستشفى، وتوفي صاحب 22 ربيعا بعد ثلاث أيام بسبب “قصور في عدة أعضاء” نتيجة سكتة قلبية .
واللائحة طويلة في سجل الحالات الحرجة، للاعبين سقطو بالملاعب، لحظات يتذكر فيها الانسان قيمة الإنسانية والحياة في هذا الكون الصغير
9- “النوري ” يحضر في ذاكرة العالم والمشجع المغربي خصوصا:
في هذه اللحظة، وكمغاربة لا بد لنا أن نتذكر حالة اللاعب المغربي” النوري” الذي طال زمن غيابه عن الملاعب، أزمة بدأت بسقوط مفاجئ في إحدى مباريات فريقه “أياكس” والغياب اقترب من الثلاث سنوات، لحظة ندعو فيها للاعب المغربي بالشفاء العاجل .
10- الحالة الانسانية لاريكسين تصوب عدسات الاهتمام له دون غيره من الاحداث المهمة التي تحدث لأول مرة في اليورو:
لم يكن فوز فلنلدا الأول في تاريخها مهما، ولم يكن تدخل تقنية الفار لأول مرة باليورو يسفر عن إلغاء هدف سجله لاعب منتخب سويسرا مالفانوفيتش ملهما، ولا غيرهما من الأحداث أكثر أهمية من توجيه عدسات الاهتمام لهذا الحدث، واعتباره شارة استثنائية في هذه النسخة من البطولة تقتضي توجيهات عدسات ” الزوم ” إليها دون غيره من الاحداث .
11 قوة السوشل ميديا تجبر صلاح على إحترام الحالة الإنسانية لاركسين
في ذات اللحظة التي سقط فيها إريكسين، نشر نجم “المنتخب المصري” وفريق “لفربول الانجليزي” صورة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي”تويتر” وهو يحتفل بعطلته، راسما ابتسامة عريضة على محياه، فانهالت عليه الإنتقادات من كل حدب وصوب، تدعوا اللاعب لاحترام اللحظة الحرجة التي يمر منها اللاعب الدنماركي، ليضطر بعد حوالي ساعة إلى حدف المنشور
12 إنتر ميلان يطمئن العالم على حالة لاعبه ويؤكد تواصله من زملائه في الفريق
لا تنتهي علاقة اللاعبين ببعضهم في الأندية الكبيرة بمجرد مغادرة معسكرات الفرق والتوجه صوب عطلة ما او معسكر منتخب ما، وفي اللحظات المتأزمة أكثر من لحظات البهجة يعبر اللاعبون عن وقوفهم جنب بعضهم، بيبي ماروتا، المدير التنفيذي لإنتر ميلان، أكد في تصريحات ادلى بها لشبكة ” راي سبور” أن كريستيان إريكسن نجم فريق الإنتر والمنتخب الدنماركي، في حالة جيدة ، مشيرا الى أن لاعبي فريقه في تواصل دائم مع بعضهم، ومؤكدا على تواصل اللاعب معهم عبر غرفة المحادثة الخاصة بهم .
13 شبح كورونا وشكوك حول علاقته بسقوط اللاعب:
يبقى الفيروس اللعين ” كورونا كوفيد 19″ الذي غير ملامح العالم، وزرع الرعب في القلوب، حاضرا في مختلف سيناريوهات وأحداث الحياة الخاصة والعامة، وفي التصريحات التي قدمها ماروتا لشبكة ” راي سبورت” أكد أن اللاعب لم يكن مصابا في إنتر بالفيروس المذكور، مشيرا الى أنه كما العالم يترقب تقرير الفريق الطبي الدنماركي، ومضيفا أنه كان على تواصل دائم مع الفريق الطبي لانتر ميلان .
14 قيمة التواصل بين أجهزة الأندية و المنتخبات العالمية المسيرة وفق استراتيجية تدبيرية احترافية:
إن التواصل “فن من فنون إدارة الحياة على الصعيد الفردي” وعندما ننتقل الى “التواصل المؤسساتي” يصبح أحد أهم اركان النجاح داخل المؤسسات، وفي الوقت الذي تشتكي فيه بعض الأجهزة في بعض الدول داخل الاندية و المنتخبات من “ضعف التواصل الداخلي” فما بالك بالتواصل الخارجي، نجد في مثال ” تواصل الجهاز الطبي ” لنادي إنتر مع الجهاز الطبي لمنتخب الدنمارك، خير مثال على أهمية حضور “فنون التواصل” في تدبير مؤسساتنا عموما وحياتنا الفردية خصوصا، لأن زمن الرأي الواحد، والقرار الواحد وزمن “قطع التواصل” لا مكان له في الإدارة المتبصرة لحياتنا إن على المستوى الفردي، او الجماعي في شقه المؤسساتي،سواء كان في الجماعات الصغيرة التي تنتمي لنا او الجماعات الكبيرة التي ننتمي لها .
15 نجوم العالم يوحدون الكلمة باسم ” كريستيان اريكسين” رونالدو وحكيمي وهازارد ولوكاكو واخرون:
عبر الكثير من نجوم العالم عن تضامنهم اللامشروط مع اللاعب الدنماركي، كريستيانو رونالدو نشر منشورا على صفحته في الفايسبوك يتمنى فيها الشفاء العاجل لاركسين.
وقال نجم ريال مدريد والمنتخب البلجيكي إدين هازارد،في تصريحات أدلى بها لقناة “RTBF” البلجيكية، ” وصلنا خبر إصابة إريكسن،ونحن في طريقنا للملعب على متن الحافلة، نحن سعداء بخبر تحسن حالته ونهدي له هذا الفوز”
وفي تصريح نقله موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” قال نجم الانتر والمنتخب البلجيكي روميلو لوكاكو “استمتعت باللقاء الذي سجلت فيه، كان من الصعب اللعب وأنا أفكر مع زميلي في الانتر كريستيان إريكسن، أتمنى أن يكون بصحة جيدة، وأهديه المستوى الذي ابنت عنه في مباراة اليوم” مؤكدا انه بكى كثيرا لحظة إبلاغه بالخبر، بالنظر لقوة وصلابة العلاقة التي تجمعهما والوقت الجميل الذي عاشاه معا، مشيرا الى أنه عاش معه لحظات جميلة ووقتا أكثر من ذاك الذي عاشه مع أسرته.
ومن جانبه عبر النجم المغربي أشرف حكيمي عن تضامنه مع زميله في الإنتر، فور تسجيله هدف الانتصار في مرمى منتخب بوركينا فاسو، في اللقاء الودي الذي جمع المنتخبين استعدادا لتصفيات مونديال قطر 2022، من خلال وضع إشارتين بأصابعه تشبر الاولى ” 4-2″ الى الرقم 24، وهو الرقم الذي يرتديه اريكسين مع فريق الانتر، فيما تشبر الاشارة الثانية “5-5″ الى الرقم 10 وهو الرقم الذي يرتديه كريستيان مع منتخب بلاده ” الدنمارك” .
16 قوة ومتانة علاقة “الزمالة” المبنية على الحب والاحترام والتواصل الايجابي ونبد ثقافة الصراع:
في الوقت الذي نشاهد فيه الكثير من مشاهد التعبير عن “ثقافة الصراع” داخل المؤسسات المهنية،في علاقاتنا “التواصلية” الفردية والاجتماعية، بين الزملاء والاصدقاء والاقرباء، لأسباب تكاد تكون تافهة في أغلب الأحيان، وصراع المؤسسات فيما بينهما، تقدم لنا ” إصابة كريستيان إريكسين درسا في التواصل الايجابي بين الزملاء والمؤسسات، إن على مستوى المنتخب الدنماركي وعلاقته بباقي المنتخبات او على مستوى علاقة نجوم العالم باللاعب في مختلف بقاع العالم، والأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام، بل يجب على كل منا ان يعيد النظر في طبيعة العلاقات التي يبنيها مع زملائه في المهنة التي يمتهنها، ويتسائل عن اسباب الصراع القائم، وعن مسؤوليته الشخصية في ذلك، فالكثيرون يشتكون من هذه المعضلة التواصلية، حتى نحتار عن إيجاد الأطراف الحقيقية المسببة لها في بعض العلاقات.
17 المشجعون يوحدون الألوان:
في عالم كرة القدم، من الأفكار السيئة التي تروج بين المشجعين، التشجيع بتعصب وأنانية مفرطة، حتى يتجاوز منطق هذا النوع من التشجيع ضوابط التفكير العقلاني والراقي، حالة اريكسون، توقف هذا النزيف مؤقتا، وتصب في صالح توحيد الألوان، واحترام الانسان أولا وأخيرا مهما اختلفنا
18 : قيمة العائلة ” زوجة اريكسون نموذجا” :
الأسرة مكون من أهم مكونات حياة الإنسان، وبمجرد ان يحس بتهديد يحوم حولها حتى يدق ناقوس الخطر، حالة زوجة اريكسون وهي تبكي فور سقوط جوزها، تختصر الكلام، وتوجه لنا رسالة مفادها ضرورة الاهتمام بأقربائنا وأحبائنا وهم في أفضل حالاتهم، فأحيانا لن ينفعنا البكاء ولا الحزن بعد فواة الأوان.
19:يقال: الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء، لا يعرف قيمتها إلا المرضى:
هذا السقوط المفاجئ لم يستثني لاعبا بحجم كريستيان إريكسون وما يتلقاه من رعاية طبية دقيقة، وقبله الكثير من اللاعبين والاشخاص، ولهذا لا بد للإنسان أن يهتم بصحته ويعيش على قدر ما استطاع مطبقا أحد أقوال الدكتور ابراهيم الفقيه ” عش كل لحظة في حياتك كأنها ٱخر لحظة، عش بالحب، عش بالإيمان، عش بالأمل، وبالعمل، وقدر قيمة الحياة”.
20: الحب وقود الشعوب وكرة القدم وقود الحب الذي تقتله السياسة وحساباتها الضيقة:
من المعروف أن العالم لا يقوده الحب، وإن كان هو وقود الشعوب ويفترض به أن يكون وقود علاقته بالأنظمة التي تحكمه، وقود اللاعبين والفرق والمنتخبات التي ينتمون لها ان تنتمي لهم، بل تقوده منطقيا لغة القوة ولغة المال، التي تجعل من السياسة سيدة الموقف في القيادة وربان السفن في مختلف المجالات، حالة اريكسين توقف هذا المنطق الرأسمالي مؤقتا وتنتصر للمنطق الاشتراكي على مختلف الأصعدة، اشتركنا جميعا في الحزن على إصابة اللاعب مثلما اشتركنا جميعا في الحزن على وفاة مارادونا مثلا، ومثلما نشترك جميعا في الاستمتاع بتألق لاعب بشكل استثنائي في أي نادي أو منتخب فتجدنا نقول” بعيدا عن الانتماء” نشكر هذا اللاعب على ما قام به، اننا نحبه ونحترمه”ماذا لو طبق هذا المنطق بمعنى بريئ طفولي في السياسية، وعاش الكل في سلام، إنه أمر غير ممكن بشكل منطقي تفرضه قوانين العالم، ولهذا جاز لنا ان نشكر كرة القدم على مثل هذه اللحظات في لحظة ما من لحظات الحياة الإنسانيةالعابرة.
21 : شكرا كرة القدم “شكرا كريستيان اريكسين” وشكرا ليورو 2020 في عام 2011.
في العام 2021 و القرن الواحد والعشرين، فكرت في تدوين هذا الحدث وحاولت أن يكون تدوينا خاصا يخاط على مقام حدث اعتبره من أعظم احداثهما، وحاولت أن أجد 21 درسا من دروس إصابة كريستيان، في زمن أعرف أن القارئ العربي “لا يقرأ” وأن كان ” من أمة إقرأ” ، لكني فكرت وكتبت لقارئ او اثنين، فبعض مقالاتي لا تكتب للجميع، ولكنها تكتب لذلك الأمل الذي أراه في كل مكان، في إنسان، في ابتسامة، في سلوك، في حدث ، او في قائد،وقارئ محتمل، وفي هذا الحدث وجدت في “كريستيان” قائدا ملهما، دفعني للكتابة الطويلة في زمن المختصر اللامفيد، ووجدت في كرة القدم، مثلما أجد فيها دائما مسرحا للدروس والعبر، فشكرا لكرة القدم ولكريستيان اريكسين متمنيا له الشفاء العاجل والعودة للملاعب لا الاعتزال المبكر، شكرا ليورو 2020 في عام 2021 الاستثنائين، والى عدد قادم أكثر اختصار وأوفر إفادة من أعداد “زوم على اليورو ” على جريدتكم بلبريس .
