“ما لم تقله الحكومة عن الضرائب : الخبير جواد لعسري يفكك لغز التسوية الطوعية (حوار)

أثار الإعلان عن مبادرة “التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الطبيعيين”، التي أطلقتها مديرية الضرائب في إطار قانون المالية لسنة 2024، جدلاً واسعًا في المغرب خلال الأيام الأخيرة من السنة، حيث انقسمت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض للطريقة التي أعلن بها عن الامر.

وقد تصاعد هذا الجدل بشكل خاص مع دخول عدد من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي على الخط، للحديث عن الموضوع، مما ساهم في تفاقم الوضع، نظرًا لعدم إلمام بعضهم بالقوانين الضريبية، وهو ما زاد من الالتباس وسوء الفهم لدى شريحة واسعة من المواطنين.

وفي ظل هذا الجدل المتصاعد، قررت منصة “بلبريس” نقل القضية إلى الخبير في المجال الضريبي، الدكتور جواد لعسري ، بهدف فهم أفضل لأبعاد هذه التسوية وتداعياتها المحتملة.
ويسلط الدكتور العسري في هذا الحوار الضوء على الجوانب القانونية والمالية للمبادرة، و يقدم توضيحات حول الأهداف الحقيقية التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها، بالإضافة إلى سبب الارتباك وضعف التواصل الحكومي في هذا الشأن.

جواد العسري

وفيما يلي نص الحوار:                                   

بلبريس: برأيك ما سبب الارتباك الحاصل في مواقع التواصل ولدى المواطنين حول التسوية الضريبية؟

جواد لعسري : بالنسبة للارتباك الحاصل مرده إلى تأخر الحكومة في شرح هذه المقتضيات وتأخر إصدار البلاغين غير المنسجمين لمديرية الضرائب بالعربية والفرنسية بخصوص المبالغ المودعة، ففي العربية تجد المبالغ المودعة يقابله بالفرنسية المبالغ المودعة نقدا، وتأخر الإدارة في شرح والقيام بحملات تحسيسية وتأهيل الجمهور ليتفاعل مع إرادة المشرع في قانون مالية 2024، وأيضا الخروج غير الموفق لبعض الأطراف الذي شوشوا على الرأي العام بخطاب يحمل نوعا من التخويف، وقد انتظرنا سنة كاملة لنخرج في الأيام الأخيرة من العام للحديث في الموضوع وهي مدة غير كافية.

بلبريس: ما هي الفترة الزمنية التي تشملها مبادرة التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الطبيعيين؟

جواد لعسري: الأصل في القانون طبقا للمادة 232، فهذه الإقرارات التي لم يتم التصريح بها تتعلق بفترة الأربع سنوات الأخيرة وقيدها المشرع بالإقرارات التي لم يتم إيداعها قبل فاتح يناير 2024، في التقادم الضريبي كقاعدة عامة مع مراعاة الاستثناءات التي جاء بها المشرع في قانون مالية 2016 والتي يمكن أن تذهب إلى العشر سنوات الأخيرة.

بلبريس: ما هي نسبة الضريبة التي يتعين على المواطنين تسديدها في إطار التسوية الطوعية؟

جواد لعسري: التسوية الطوعية تم تحديد مقدارها في 5 في المئة، هذه النسبة تشمل المبالغ المودعة لدى الأبناك شريطة ان لم يتم التصريح بها، فإن سبق التصريح بها فإنها لا تخضع لهذه التسوية. ثم المبالغ الموجودة لدى الأفراد في بيوتهم أو في منشآتهم وهي عبارة عن مبالغ محتفظ بها في صورة أوراق نقدية ناتجة عن دخل غير مصرح به، أما إن كانت مصرحة أو معفاة فهي غير معنية مثل القطاع الفلاحي فهو معفى في حدود 500 مليون سنتيم في السنة كرقم معاملات، والدخل السنوي أقل من 30 ألف درهم معفى، ثم قد تكون المداخيل بعمليات قام بها الشخص ومنحها المشرع إعفاء فهي تخرج عن نطاق التسوية الطوعية.

بلبريس: من هم الأشخاص المعنيون بمبادرة التسوية الطوعية، وما أنواع الممتلكات والأموال التي يمكن أن تشملها؟

جواد لعسري: التسوية تشمل منقولات أو المبالغ التي تم استعمالها لاقتناء عقارات غير مخصصة لغرض مهني، أو من يبيع وسبق له التصريح غير معني، أما إذا اكتشفت الإدارة في 2025 أن شخص قام بعملية لم يصرح بها فسيخضع للضريبة على الدخل بسعر 38 في المئة.

هذه التسوية لا تهم الشركات بل الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة، لأن المشرع كان واضحًا، التجار الحرفيون والمهن الحرة والدخول العقارية والأرباح العقارية والأجور بكل أنواعها وتكملة الدخل غير المصرح بها أو رب عمل غير مقيم بالمغرب.

بلبريس: هل تسعى الحكومة من خلال إطلاق مبادرة التسوية الطوعية لمحاربة الكاش؟

جواد لعسري: النص الحالي لا يضمن عدم التداول النقدي، المشرع يهدف فقط إلى تحقيق المردودية المالية وليس محاربة الكاش.

بلبريس: هل تخضع الأموال المحولة من طرف المغاربة المقيمين بالخارج لهذه التسوية؟ وما هي الشروط التي تحدد ذلك؟

جواد لعسري: المغاربة المقيمون بالخارج نسألهم هل يخضعون للضريبة على الدخل طبقًا للقانون المغربي؟ أما إن كانت لهم دخول ذات منشأ أجنبي ولا يقيمون في المغرب أكثر من 180 يوم فهم مستثنون من هذا التدبير، المنشأ هو المحدد هنا.

بلبريس: ما هي الإجراءات التي اتخذتها مديرية الضرائب لتشجيع المواطنين على الاستفادة من مبادرة التسوية الطوعية، خاصة مع اقتراب نهايتها؟

جواد لعسري: الإجراءات المتخذة لم تكن بالشكل المطلوب منذ دخول قانون مالية 2024 حيز التنفيذ، في 1 يناير 2024، فأين كنا منذ ذلك التاريخ؟ الملزمون لم يكونوا على علم بشيء وتركنا من هب ودب يتحدث في الموضوع على مواقع التواصل فحصل التشويش. نتمنى أن يتم تمديد الأجل، لأربع أو خمسة أشهر لانخراط المواطنين في هذا التدبير، لأن الأجل الذي تم منحه هو فقط أقل من 30 يومًا على اعتبار غياب التواصل طيلة السنة.

ولأن هناك من لديه منقولات وعقارات يحتاج إلى تسويتها للحصول على الأموال التي يمكن أن يدفعها لمصلحة الضرائب من أجل التسوية.

المقالات المرتبطة

1 تعليق

  1. hanafi omar says:

    عندما يتحدث الخبير . توضيحات غاية في الاهمية

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *