كشف تقرير حديث صادر عن المنظمة الدولية للهجرة عن واقع مؤلم، حيث وثّق وفاة واختفاء ما لا يقل عن 3,488 شخصًا خلال رحلات الهجرة غير النظامية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2024. هذه الأرقام، التي قد تكون أقل من الواقع الفعلي بسبب صعوبة توثيق جميع الحالات، تسلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي يواجهها الأفراد الباحثون عن الأمان أو فرص أفضل للحياة. ومما يزيد من فداحة المأساة أن حوالي 60% من الضحايا المسجلين لا تزال هوياتهم مجهولة، مما يترك عائلاتهم في حالة من عدم اليقين المؤلم حول مصير أحبائهم.
وبينما يظل الغرق السبب الرئيسي للوفيات في المسارات البحرية، سجل التقرير ارتفاعًا مقلقًا في الوفيات الناجمة عن الظروف الجوية القاسية، الحوادث، والعنف على الطرق البرية والبحرية. ويعتبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط الأخطر على الإطلاق، حيث لقي أكثر من 1,700 شخص حتفهم أو فُقدوا أثرهم خلال العام الماضي، مع استمرار تونس وليبيا كنقطتي انطلاق رئيسيتين نحو أوروبا. كما شهدت الطرق المؤدية إلى إسبانيا عبر شمال إفريقيا نشاطًا خطيرًا، مسجلة 581 حالة وفاة واختفاء، توزعت بشكل رئيسي بين الجزائر والمغرب وإسبانيا.
وفي المغرب على وجه الخصوص، تركزت حالات الوفاة والاختفاء في محاولات العبور نحو السواحل الإسبانية، وخاصة بالقرب من سبتة ومليلية، كما برزت منطقة القنيطرة كنقطة ساخنة جديدة، مما يشير إلى تحول في مسارات الهجرة. أما الطريق البحري الأطلسي المؤدي من غرب إفريقيا إلى جزر الكناري الإسبانية، فقد سجل أعلى حصيلة وفيات على الإطلاق، بواقع 1,095 حالة وفاة واختفاء، منها 138 قبالة السواحل المغربية. ويعكس هذا الارتفاع تحولاً نحو رحلات بحرية أطول وأشد خطورة، في ظل غياب بدائل آمنة. ورغم هذه المخاطر، شهد هذا الطريق وصول أكثر من 46 ألف مهاجر في 2024، معظمهم من مالي والسنغال، مما يؤكد استمرار الاعتماد على هذا المسار المحفوف بالمخاطر.
وأمام هذه الأرقام المروعة، دعا تقرير المنظمة الدولية للهجرة الدول إلى تعزيز قدراتها على استعادة وتحديد هويات الجثث والتعامل معها بكرامة. كما شدد على ضرورة وضع بروتوكولات إقليمية للتعريف بالجثث وإعادة الرفات وإبلاغ العائلات، خاصة على طول الطرق الأكثر فتكًا. وتبقى هذه الأرقام بمثابة دعوة عاجلة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتوفير مسارات آمنة وقانونية، وحماية أرواح الباحثين عن مستقبل أفضل.