الغثيان أثر لعلاج السرطان: بين الأدوية والنظام الغذائي

يشكّل الغثيان أحد أبرز الأعراض الجانبية المزعجة لعلاجات السرطان، ويتطلب التعامل معه مقاربة متعددة التخصصات، تشمل التعاون بين الأطباء والممرضين واختصاصيي التغذية والدعم النفسي، فبينما يحصل معظم المرضى على أدوية مضادة للغثيان، إلا أن فعالية العلاج تختلف من شخص لآخر، نظراً لتفاوت ردود الأجسام على تأثيرات الأدوية.

تشير التقديرات إلى أن ما بين 40% إلى 70% من المصابين بالسرطان يعانون من الغثيان أو التقيؤ، سواء خلال تلقي العلاج أو بعده. هذا ما تؤكده سارة واشبورن، اختصاصية التغذية في مركز Simms/Mann التابع لـUCLA، مشيرة إلى أن “تجربة كل مريض فريدة”، وأنه لا توجد وصفة علاجية موحّدة تناسب الجميع.

تتعدد أنواع الغثيان، ولكل منها ظروفه الخاصة. فهناك “الغثيان التوقعي” الذي يحدث قبل بدء العلاج، نتيجة التوتر أو الخوف، وغالباً ما يظهر لدى من سبق أن خضعوا لجلسات علاجية صعبة. أما “الغثيان الحاد” فيبدأ عادة بعد دقائق أو ساعات من تلقي العلاج. من جهة أخرى، هناك “الغثيان المقاوم” الذي لا يزول حتى مع تناول الأدوية، و”الغثيان المزمن” الذي قد يكون مرتبطاً بالمرض نفسه أو يستمر لفترة طويلة بعد العلاج. حتى الإمساك، وهو عرض شائع لدى مرضى السرطان، قد يفاقم الإحساس بالغثيان.

وبينما يشعر بعض المرضى بالغثيان مباشرة بعد جلسات العلاج الكيميائي، يبدأ لدى البعض الآخر بعد مرور أيام، خاصة عند غياب الأدوية المرافقة. ما يُظهر أن التوقيت والاستجابة يختلفان من حالة لأخرى.

تلعب العادات الغذائية دوراً محورياً في تقليل الشعور بالغثيان. وبحسب واشبورن، فإن المعدة الفارغة تزيد من حدة الأعراض، ولهذا تنصح بتناول وجبات خفيفة ومتكررة على مدار اليوم. حتى الكمية القليلة من الطعام يمكن أن تساعد على تهدئة المعدة، كما أن شرب الماء بانتظام يُعد مفيدًا أيضًا.

الروائح القوية، مثل البصل المقلي أو التوابل الحارة، قد تُسبب انزعاجًا شديدًا، لذلك يُفضَّل أن يبتعد المريض عن المطبخ خلال الطهي. كما أن تناول أطعمة معتدلة أو باردة يُعتبر خيارًا أفضل لمن يعانون من تحسس تجاه الروائح.

وتنصح واشبورن بترك الحساء ليبرد قليلاً قبل تناوله، إذ أن انخفاض الحرارة يقلل من الرائحة القوية للطعام. في المقابل، قد تساعد بعض الروائح الطبيعية مثل الزنجبيل أو النعناع في تخفيف الغثيان، بينما تزيد العطور الصناعية الأمر سوءًا لدى بعض المرضى.

أما عن نوعية الأطعمة، فهي مسألة شخصية للغاية. فبعض المرضى يجدون الراحة في تناول رقائق البطاطس، وآخرون في الأطعمة الحارة. وتؤكد واشبورن أن المهم هو اكتشاف ما يناسب كل مريض والالتزام به، حتى وإن بدا غير معتاد.

الاستراتيجية المثلى للتعامل مع الغثيان الناتج عن علاج السرطان، بحسب واشبورن، تقوم على الدمج بين العلاج الدوائي والمتابعة الغذائية الدقيقة. ومع انتهاء فترة العلاج، غالبًا ما تبدأ أعراض الغثيان بالتلاشي تدريجيًا خلال بضعة أسابيع.

في المحصلة، لا توجد وصفة واحدة تناسب جميع المرضى، ولكن الإصغاء إلى الجسد، والتعاون مع الفريق الطبي، والمرونة في اختيار النظام الغذائي والعلاجي المناسب، هي مفاتيح رئيسية لتجاوز هذه المرحلة بأقل قدر من المعاناة

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *