في تصعيد غير مسبوق، شنّ الجيش الإسرائيلي ضربة جوية فجر الجمعة استهدفت ما وصفها بـ”أهداف عسكرية ونووية إيرانية”، في خطوة وُصفت بأنها “استباقية”، وأثارت على الفور موجة من التنديد والوعيد من الجانب الإيراني، الذي توعد بـ”ردّ قوي” سيكون له تداعيات قاسية.
وجاء الهجوم بعد أسابيع من التوتر الإقليمي والتصريحات النارية بين الطرفين، ليشكل نقطة تحول خطيرة في مسار المواجهة غير المباشرة بين تل أبيب وطهران، وليفتح الباب أمام احتمالات مقلقة لتوسع الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وكان قد خرج المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، ببيان شديد اللهجة أكد فيه أن إسرائيل “خطّت لنفسها مصيراً مريراً ومؤلماً”، محملاً إياها مسؤولية “جريمة كبرى” سيكون لها ثمن باهظ.
من جهته، أعلن المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، أن “القوات المسلحة ستردّ حتماً”، مضيفاً أن “الرد سيكون قوياً وموجعاً”.
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن إيران أطلقت نحو مئة طائرة مسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وأكد أن منظوماته الدفاعية تعمل على اعتراضها، في وقت يعيش فيه الداخل الإسرائيلي حالة استنفار غير مسبوقة.
وفي تصريح خصّ به جريدة بلبريس، قال الدكتور محمد النشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “ما نشهده اليوم هو حلقة جديدة من مسلسل العربدة الإسرائيلية، لكيان يوجد خارج الجغرافيا، وخارج القانون الدولي، ويتحرك بلا رادع أو وازع قانوني”.
وأضاف النشطاوي أن “إسرائيل اعتادت أن تبرر تدخلاتها تحت ذرائع ملفقة كـ’الضربات الوقائية’ أو ‘الدفاع الشرعي الوقائي’، وهي تسميات لا تعترف بها المواثيق الدولية، ولا تستند إلى أي مشروعية قانونية”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن ما قامت به إسرائيل اليوم “هو نفس السيناريو الذي تكرر سنة 1981 عندما قصفت المفاعل النووي العراقي، وسنة 1986 حين استهدفت مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس”، مشدداً على أن “الضربات الأخيرة لإيران ما هي إلا استمرار لنفس النهج العدواني المدعوم غربياً، خصوصاً من طرف الولايات المتحدة الأمريكية”.
واعتبر النشطاوي أن “من الضروري لجم نظام الحكم الإسرائيلي الذي يعيث فساداً في مختلف مناطق العالم، في ظل صمت دولي وتواطؤ مكشوف، ويستغل الانشغال العالمي بالحروب والنزاعات ليفرض أجندته العدوانية”.
وحسب المراقبين يرسم المشهد اليوم لا يشي فقط بتوتر مؤقت أو بردود فعل عابرة، ملامح مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي، قد تكون أكثر دموية وتعقيداً، في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لفرض احترام القانون الدولي وكبح جماح السياسات المتطرفة، سواء كانت من طهران أو تل أبيب.