انتقال معدني أخضر: المغرب يشق طريقه نحو المستقبل

تُشير ورقة بحثية جديدة من “معهد السياسات الإفريقية” إلى أن المغرب يتحوّل بسرعة إلى محور إقليمي بارز للانتقال المعدني الأخضر، بفضل ثرواته المعدنية الضخمة وشراكات محكمة مع الاتحاد الأوروبي والصين. في حين توفر الصين استثمارات ضخمة وتنفيذ سريع، يضبط الاتحاد الأوروبي العملية بإطار بيئي واجتماعي صارم ، ما يجعل المغرب النقطة المشتركة المثلى بين النمو السريع والتنمية المستدامة.

الدراسة تقترح تأسيس إطار عمل ثلاثي: يتألف من لجنة مشتركة، مناطق صناعية خاصة، ووثيقة استدامة موحدة. كما تدعو إلى إنشاء ممر معدني إقليمي ووضع قوانين تضبط كفاءات العمل المحلي، لحوكمة نموذجية في الجنوب العالمي.

في الواقع، تشكّل المعادن الخضراء ، مثل الليثيوم، الكوبالت، النيكل والعناصر الأرضية النادرة والفوسفات ما يقارب 25% من صافي قيمة التّصدير المعدني، وتسهم بنسبة 10% من إجمالي الناتج الداخلي الخام، وتُشغّل أكثر من 49 ألف شخص. هذا يدلّ على ثقة المستثمرين الدوليين في قيمة هذه الموارد وقدرة المغرب على تأمينها.

واستفادة المغرب لا تقتصر على هذه الموارد، بل أيضا على الموقع الجغرافي الإستراتيجي قرب السوق الأوروبية، واتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والاستثمارات الصينية في قطاع التعدين، تشكل قوة تنافسية واقعية لصناعة وطنية ترتكز على التكنولوجيات النظيفة.

لكن بحسب الباحثين، ثمة تحدٍّ حقيقي يتمثل في التوازن بين السرعة التنفيذية من الصين والـرقابة التنظيمية الأوروبية، وهو ما يتطلّب إطارًا قانونيًا مرنًا وقوياً يُرضي الطرفين ويُعزز الثقة بين الشركاء.

وتبرز الطموحات في المغرب كذلك على مستوى الهيدروجين الأخضر، مع خطة لإنتاج مليون هكتار منه، مدعومة باتفاق ألماني. هذا يعزز مكانة الرباط كلاعب رئيسي في الطاقة النظيفة، مدعومًا باستقرار سياسي ومشاريع الطاقة الشمسية والرياح المستمرة، وشبكة لوجستية استراتيجية كـ”طنجة المتوسط”.

المشهد المنبثق من الدراسة يرسم مستقبلاً طموحًا: المغرب في قلب تحول عالمي يقوده استثمار المعادن الخضراء، ويستفيد بذكاء من توازن المصالح بين العملاقين الصيني والأوروبي، ليخلق نموذجًا تونسيًا متفردًا في الجنوب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *