في مشهد قضائي مثير بقاعة 8 بالمحكمة الزجرية عين السبع، رفضت هيأة الحكم، في جلسة الثلاثاء الماضي، للمرة الخامسة، طلب السراح المؤقت لمحمد بودريقة، الرئيس السابق لنادي الرجاء الرياضي، في استجابة لمرافعة النيابة العامة التي أصرّت على إبقائه خلف القضبان. ويأتي هذا الرفض رغم تنازل جميع المشتكين، في قضايا تتعلق بإصدار شيك بدون مؤونة، النصب، والتزوير في محرر عرفي واستعماله.
وقد أثار هذا القرار دهشة واستغراب هيئة الدفاع، التي لم تدّخر جهداً في الطعن بمشروعية استمرار الاعتقال، مشيرة إلى طول المدة التي قضاها بودريقة رهن الاحتجاز منذ توقيفه بألمانيا، والتقادم القانوني لعدد من التهم، خصوصاً تلك المرتبطة بعام 2018، وعدم وجود أصل الوثائق محل الادعاء بالتزوير، والاكتفاء بنسخ مصورة.
وفي مرافعة استغرقت وقتاً طويلاً، وجّه المحامي نور الدين الرياحي نقداً لاذعاً لأسس الاتهام، متسائلاً عن قانونية إعادة تحريك الدعوى رغم وجود بروتوكولات صلح وتنازلات موثقة من المشتكين. كما أثار نقطة بالغة الغرابة حين نقل عن المشتكية قولها إن بودريقة “ابتلع شيكاً بقيمة 600 مليون”، متسائلاً عن غياب أي إجراء طبي لتأكيد هذا الادعاء.
وفي ما يتعلق بتهمة تزوير شهادة مهندس قصد الحصول على رخصة سكن، شدّد الدفاع على أن المهندس ذاته تنازل عن شكايته بعد توصله بمستحقاته التي تجاوزت 200 مليون سنتيم، كما أن الوثيقة المزورة المزعومة غير موجودة بالأصل، مما ينفي إمكانية عرضها على خبرة خطية قانونية.
ورغم تقديم الدفاع مذكرة مكتوبة تدعم ملتمس السراح بناءً على تنازلات المشتكين واعتماداً على ما تم الكشف عنه في المرافعات، أصرّت المحكمة على إبقاء بودريقة رهن الاعتقال، في قرار يطرح أكثر من علامة استفهام حول حدود العدالة التصالحية التي طالما دعت إليها السلطة القضائية.