قالوا عن بلاغ المغرب وأمريكا حول الصحراء: صفعة تاريخية تربك الجزائر وتسرّع بطي النزاع

يسير ملف الصحراء المغربية بخطى متسارعة نحو الطي النهائي، في واحدة من أقوى المراحل الحاسمة لهذا النزاع المفتعل، بعد البلاغ المشترك الذي صدر مؤخرا بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الأمريكي، والذي وضع النقاط على الحروف، وأعاد ترتيب الأوراق على المستوى الإقليمي والدولي.

بلاغ لم يكن مجرد إعلان دبلوماسي عابر، بل كان بمثابة زلزال سياسي أصاب خصوم الوحدة الترابية بصدمة نفسية وفكرية عميقة، مقابل ارتياح واسع في الأوساط المغربية، بالنظر لما تضمنه من مواقف صريحة وغير مسبوقة من الإدارة الأمريكية، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن واشنطن تعترف بشكل رسمي بمغربية الصحراء، وتعتبر مقترح الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والواقعي والجاد لهذا النزاع.

وفيما يستعد المغرب لدخول مرحلة ما بعد النزاع، بدأت تطرح التساؤلات حول آفاق العودة المحتملة لعدد من الصحراويين المحتجزين في تندوف، وحول الفرص الاقتصادية والتنموية التي قد تنفتح أمام الأقاليم الجنوبية، في مقابل حالة التخبط والارتباك التي يعيشها النظام الجزائري بعد هذه التطورات المتسارعة.

نور الدين بلحداد: صفعة أمريكية تربك حسابات الجزائر

وفي تحليله للبلاغ المشترك المغربي الأمريكي، اعتبر الدكتور نور الدين بلحداد، الخبير في الشؤون الصحراوية، أن هذا التطور يعد صفعة أمريكية قوية للنظام الجزائري، قائلا إن “الاعتراف الأمريكي تجدد اليوم بقوة، وأمريكا التي تقود العالم سياسيا واقتصاديا، لا يمكن أن تصطف مع المغرب في هذا الملف لو لم تكن للمغرب قوة تاريخية وشرعية وواقعية تثبت حقوقه”.

وأضاف بلحداد أن الجزائر تجد نفسها اليوم أمام مأزق حقيقي، بعدما كانت تراهن على خلق نوع من التشويش على الموقف الأمريكي، مؤكدا أن “الجزائر أصيبت بحالة ارتباك واضحة، لأن السياسة الأمريكية في ملف الصحراء المغربية تسير بخط ثابت ومتسارع نحو الحسم النهائي”.

صبري الحو: أمريكا تعيد رسم الجغرافيا السياسية.. والحكم الذاتي خيار لا رجعة فيه

من جانبه، اعتبر الخبير في القانون الدولي صبري الحو، أن تجديد الموقف الأمريكي لصالح المغرب جاء رغم كل محاولات التشويش الجزائرية، مشددا على أن “واشنطن بصدد إعادة رسم الجغرافيا السياسية للعالم، واعترافها بمغربية الصحراء وإدراج الحكم الذاتي كخيار وحيد للتفاوض، دليل على وزن المغرب الاستراتيجي في هذه المرحلة الدقيقة من العلاقات الدولية”.

وأوضح الحو أن الجزائر كانت مستعدة لتقديم تنازلات ووعود وهبات اقتصادية مقابل تغيير موقف أمريكا، إلا أن الإدارة الأمريكية جددت دعمها الصريح للمبادرة المغربية، وهو ما يكرس، بحسب قوله، أن “المغرب يسير في الاتجاه الصحيح نحو حسم هذا النزاع المفتعل نهائيا”.

أحمد نور الدين: قوة المغرب الهادئة تنتصر

وفي السياق ذاته، أكد الباحث والمحلل السياسي أحمد نور الدين، أن “المغرب يشتغل منذ عقود بسياسة القوة الهادئة، وبعيدا عن الأضواء، معتمدا على أدواته الجيوسياسية وموقعه الاستراتيجي وشراكاته المتعددة”.

وأضاف نور الدين أن بلاغ وزارة الخارجية الأمريكية الأخير يعكس حجم المغرب الطبيعي على الساحة الدولية، قائلا: “نحن أمام تحول نوعي، حيث أصبح المغرب رقما صعبا في معادلة الأمن والسلم العالميين، بفضل ديبلوماسيته الذكية، وقوته الناعمة، وإيمانه العميق بعدالة قضيته الوطنية”.

ميلود بلقاضي: المغرب يربح معركة الشرعية والمشروعية الدولية

أما المحلل السياسي والاستاذ الجامعي ميلود بلقاضي، فقد اعتبر أن البلاغ المشترك المغربي الأمريكي لا يعبر فقط عن موقف سياسي ظرفي، بل يؤكد أن المغرب ربح معركة الشرعية والمشروعية الدولية في ملف وحدته الترابية.

وقال بلقاضي إن “هذا الاعتراف الأمريكي المتجدد، يفتح أمام المغرب أفقا جديدا لما بعد النزاع، حيث ينتقل النقاش من شرعية الوجود إلى شرعية البناء والتنمية، وهو ما يتطلب تعبئة داخلية وخارجية لتهيئة المرحلة المقبلة التي ستشهد، لا محالة، تحولات عميقة في المنطقة”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *