في مشهد سياسي لم يخلو من الجدل، عاد النائب البرلماني أمبارك حمية، أحد أبرز المستثمرين في قطاع الرخويات والصيد البحري، إلى استغلال منصة البرلمان، يوم الإثنين 14 يوليوز 2025، للدفاع عن مصالحه الاقتصادية، تحت غطاء الترافع المهني. خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفوية، وجّه حمية مداخلته نحو الإشادة بقرارات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، مع المطالبة برفع حصة صيد الأخطبوط، في أول أيام انطلاق الموسم الجديد على المستوى الوطني.
البرلماني عن جهة الداخلة وادي الذهب لم يتردد في التعبير عن ترحيبه بقرار الوزارة القاضي بالسماح بصيد أنواع أخرى إلى جانب الأخطبوط، من قبيل الحبار و”السيبيا”، مشيدًا بما وصفه بـ”تجاوب القطاع مع المهنيين”، دون أن يُخفي امتعاضه من الحصة الضعيفة المخصصة لصيد الأخطبوط، التي طالب برفعها.
لكن خلف هذه المداخلة التي بدت، ظاهريًا، مهنية، تقف شبكة مصالح معقدة، بالنظر إلى أن حمية نفسه من بين المستفيدين الكبار من الاستثمارات العمومية في القطاع. فحسب معطيات صادرة عن لقاء داخلي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي ينتمي إليه كل من النائب وكاتبة الدولة، فإن الأخيرة أقرت بمنح دعم عمومي وصل إلى 11 مليون درهم (مليار و100 مليون سنتيم) لأحد أعضاء الحزب، في مشروع لتربية الرخويات بالداخلة، دون أن تحدد اسم المستفيد، وإن كان من المعروف أن حمية أحد الفاعلين البارزين في هذا النوع من الأنشطة بالمنطقة.
وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول تضارب المصالح، واستعمال المنصة التشريعية لخدمة توجهات استثمارية خاصة، خاصة في ظل انتقادات متصاعدة تطال تدبير القطاع، أبرزها ما ورد في سؤال كتابي للفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، الذي نبه إلى تفشي مظاهر الريع والفساد واستنزاف الثروة البحرية، وتحوّل القطاع إلى فضاء يسوده الغموض والاختلالات البنيوية.
كما سبق لحزب العدالة والتنمية أن أثار الموضوع من زاوية أخرى، متحدثًا عن “مفارقة عجيبة” يعيشها المغرب، حيث يملك أكثر من 3500 كيلومتر من السواحل، ورغم ذلك يُستهلك السمك داخليًا بأسعار تفوق تلك المعتمدة في دول غير بحرية، في ظل سيطرة لوبيات على السوق وتحكم غير شفاف في مسارات التوزيع.
وفي هذا السياق، يرى متابعو للشأن السياسي أن “مداخلة البرلماني حمية تفتح تساؤلات عن حدود نهاية المصالح الخاصة داخل غرف التشريع، بما يعمق الأزمة الهيكلية التي يعيشها قطاع الصيد البحري، ويفتح المجال واسعًا أمام مطالب بإصلاحات جذرية، تبدأ من فصل السلط والمصالح، وتعزيز الشفافية والرقابة”.