“زيارة دولة” ملكية تُعيد ضبط البوصلة بين الرباط وباريس… إلى أين؟

كل المؤشرات الدبلوماسية تُجمِع على أن الرباط وباريس طوتا صفحة التوتر، وفتحتا أخرى عنوانها الانفراج المتدرج والثقة المعاد ترميمها، وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية متطابقة أن التحضيرات جارية على أعلى مستوى لتنظيم زيارة دولة مرتقبة للملك محمد السادس إلى فرنسا، يتوقع أن تتم بين متم سنة 2025 وبداية 2026، وفق ما أوردته مجلة جون أفريك، تأكيدًا لما سبق أن نقلته وكالة الأنباء الفرنسية (AFP).

الزيارة المنتظرة، والتي طال أمد الحديث عنها، تدخل الآن مرحلة العد العكسي، وهي ليست فقط زيارة دولة تُدرَج ضمن البروتوكول المعتاد، بل لحظة دبلوماسية فارقة، تأتي في وقت حسّاس تستعيد فيه العلاقات المغربية الفرنسية إيقاعها الطبيعي بعد سنوات من التوتر الصامت، وتُختبر فيه نوايا باريس على أرض الواقع.

ولا يتم التحضير لهذه الزيارة خلف الأبواب المغلقة فقط، بل ينعكس على الأرض من خلال سلسلة تحركات لافتة: اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتي لم تُعقد منذ سنوات، ستُعقد أخيرًا في خريف هذا العام برئاسة رئيسي الحكومتين؛ كما يُرتقب تنظيم اجتماع ثنائي رفيع حول الهجرة يوم 25 يونيو الجاري بباريس، إلى جانب زيارة مرتقبة لوزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت في 7 يوليوز المقبل.

وفي موازاة التحركات الرسمية، توجّه باريس إشارات رمزية محسوبة، تُفهم جيدًا في لغة العلاقات الدولية: دعوة بريجيت ماكرون، عقيلة الرئيس الفرنسي، للانضمام إلى مجلس إدارة المسرح الملكي بالرباط؛ حضور الأميرة لالة حسناء إلى جانب إيمانويل ماكرون خلال قمة دولية حول المحيطات؛ افتتاح مركز للخدمات القنصلية الفرنسية في مدينة العيون… كلها تفصيلات صغيرة لكنها لا تخلو من معنى سياسي كبير.

والواقع أن سنة 2025 توحي بأنها سنة لإعادة بناء ما تهدّم، لا بالتصريحات، بل بالفعل السياسي الهادئ. المغرب من جهته لا يستعجل، لكنه لا يُجامل،  وفرنسا، بعد مراوغة استمرت طويلاً، يبدو أنها اليوم تتحدث بلغة أوضح، تسعى فيها لإعادة التموضع بثقة أقلّ، لكن ببراغماتية أعلى.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *