في كلمة ألقاها خلال حفل الاستقبال الرسمي الذي نظمته السفارة الفرنسية بالرباط بمناسبة العيد الوطني للجمهورية الفرنسية، شدد كريستوف لوكورتييه، سفير فرنسا المعتمد لدى المملكة المغربية، على التزام بلاده الصريح والواضح بتنزيل التزاماتها الجديدة تجاه المغرب، وعلى رأسها دعم قضية الصحراء المغربية. وأبرز السفير أن باريس شرعت فعليًا في الانتقال من الأقوال إلى الأفعال، من خلال توسيع مجالات التعاون مع الأقاليم الجنوبية للمملكة لتشمل قطاعات حيوية كالتعليم، والثقافة، والاقتصاد، والتنمية، فضلاً عن تقديم خدمات قنصلية نوعية لفائدة سكان هذه المناطق، بما يضمن تمتيعهم بنفس الحقوق والدعم المقدم لباقي جهات المغرب.
وأكد الدبلوماسي الفرنسي أن ما يجمع المغرب وفرنسا اليوم يتجاوز المفهوم التقليدي للعلاقات الثنائية، ليُصبح شراكة استراتيجية ذات أبعاد طويلة الأمد، تعكس رغبة صادقة في بناء مستقبل مشترك في عالم يعرف اضطرابات متسارعة. وأشار في هذا السياق إلى أن ما دوّنه كل من جلالة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة أكتوبر 2024، يشكل منطلقًا لشراكة متكاملة وأكثر طموحًا، قائمة على الثقة المتبادلة والتكامل الاستراتيجي.
وفي رسائل واضحة موجهة إلى الفضاء الأوروبي، شدد السفير لوكورتييه على أن فرنسا عازمة على الدفاع عن مقاربتها الجديدة تجاه قضية الصحراء المغربية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ولن تدخر جهدًا في تعزيز الاقتناع بأن مستقبل الأقاليم الجنوبية يندرج بشكل لا لبس فيه ضمن إطار السيادة الوطنية المغربية. وأبرز أن هذا التوجه الجديد يشكل أحد أبرز التزامات باريس خارج الفضاء الأوروبي، ويعكس الأولوية التي يحظى بها التعاون مع المغرب في السياسة الخارجية الفرنسية.
وفي ذات السياق، اعتبر أن التحالف المغربي–الفرنسي يستند إلى قيم مشتركة وشعور عميق بالمصير المشترك، في ظل حاجة متزايدة إلى تحالفات مسؤولة ذات أفق استراتيجي، مؤكداً أن ما يتم بناؤه اليوم بين الرباط وباريس يتجاوز ظرفية العلاقات ليؤسس لتعاون نوعي طويل الأمد يخدم مصالح الشعبين.
من جهته، أكد أوليفييه رامادور، القنصل العام لفرنسا بالرباط، أن القنصلية الفرنسية تواصل عملها بكل التزام من أجل تقديم خدمات عمومية عالية الجودة تستجيب لحاجيات الجالية الفرنسية المقيمة بالمغرب، والتي يبلغ عدد المسجلين الرسميين فيها حوالي 10,700 فرد، فيما يناهز العدد الفعلي للمجتمع الفرنسي أكثر من 56,000 شخص.
وأوضح رامادور أن القنصلية تعتمد في استراتيجيتها على محورين أساسيين: تحسين جودة الخدمة وتعزيز القرب من المواطنين، من خلال تطوير أدوات إدارية حديثة، كخدمة الاستجابة الهاتفية وتجديد جوازات السفر إلكترونيًا والتصويت عن بُعد. كما لفت إلى حرص القنصلية على تنظيم جولات قنصلية خارج المقر في مدن كالقنيطرة، لتقريب الخدمات من المواطنين وتيسير حصولهم على الوثائق الإدارية الضرورية.
وأشار القنصل إلى أن هذه الجهود تندرج في إطار تنزيل إعلان الشراكة الاستثنائية المعززة الموقعة بين البلدين في أكتوبر 2024، والتي تهدف إلى تسهيل التنقل القانوني، وتحسين خدمات التأشيرات، من خلال فتح مراكز استقبال جديدة بكل من طنجة وجدة وفاس.
وختم رامادور مداخلته بالإشارة إلى أن مركز القنصلية الفرنسية بالرباط أصبح الأول عالميًا ضمن شبكة القنصليات الفرنسية من حيث عدد التأشيرات المصدرة، ما يُجسّد عمق الروابط الإنسانية، والاجتماعية، والثقافية التي تجمع بين الشعبين، ويؤكد على الأهمية الاستراتيجية لمستقبل الشراكة المغربية الفرنسية.