ضعف حكومي تواصلي رهيب حول ملفي مراجعة مدونة الأسرة والتسوية الجبائية الطوعية

جسدت حكومة أخنوش نهاية سنة 2024 عجزا مخيفا في التواصل المؤسساتي في ملفين حساسين : ملف مراجعة مدونة الأسرة وملف التسوية الجبائية الطوعية.
ملفان جسدا إخفاق حكومي في كيفية تسويق إنجازاتها، وكيفية التواصل مع الشعب في القضايا الاجتماعية الحساسة، مما أدى الى تفشي الشائعات والتأويلات ،وتمييع أبعاد الحكومة من مراجعة مدونة الأسرة، ومن اتخاذ قرار التسوية الجبائية الطوعية.
بالنسبة لملف مراجعة مدونة الاسرة، لم تتوفق الحكومة في تحديد معالم خطة تواصلية مضبوطة، وتوفير تفاصيل كافية حول طبيعة هذه المراجعة وحدودها وفق مضمون البلاغ الملكي ، بل تركت الباب مفتوحا أمام مروجي التضليل والشائعات والتأويلات ، أفرز نقاشات أيديولوجية مسمومة، أثرت سلبيا على نفسية وعقلية وفكر المواطن ،الذي أصبح ضحية الحقيقة الغائبة .
اما بالنسبة للملف الثاني المتعلق بالتسوية الجبائية الطوعية التي تهدف لتحسين موارد الدولة وتعزيز الثقة مع دافعي الضرائب، لم تحظَ هي الأخرى بالتواصل الحكومي الكافي،الأمر الذي ترك العديد من المواطنين في حيرة من أمرهم بشأن شروط وآليات التسوية، ما قلل من الإقبال عن هذا القرار الحكومي ، لكن ليس عن قناعة بل عن خوف من تداعيات عدم القيام بهذه التسوية الجبائية.
هذا الفشل في التواصل مع الشعب جعل المبادرة تبدو وكأنها عبء إضافي بدل أن تكون فرصة للمصالحة بين الإدارة الضريبية والمكلفين.
وكما قلت أكثر من مرة ، فهذا لا يعني ان حكومة أخنوش ووزرائها لا يشتغلون، بل لأنهم لا يعرفون كيف يسوقون حتى ما ينتجون، ولا يعرفون كيف يتواصلون مع المواطن لإقناعه بما ينجزون.
وما يزيد من هذا العجز التواصلي كون عدد من الوزراء غير مدركين بأهمية التواصل المؤسساتي في عالم السياسة ، لكون السياسة هي الوجه الآخر للتواصل، والتواصل هو الوجه الآخر للسياسة .
وهذه من بين الأسباب التي تظهر وكأن وزراء حكومة اخنوش لا يشتغلون،وهذه ليست الحقيقة ،لكون حكومة أخنوش أنجزت الكثير في مجال السياسات العمومية، لكن ضعف تواصلها وعجزها التسويق والدفاع عن هذه الإنجازات يجعلها تظهر ضعيفة أمام الرأي العام.
فبعض وزراء الحكومة لم يفهموا بعد أن علاقة السياسة بالتواصل هي علاقة جدلية ، فلا سياسة بلا تواصل ولا تواصل بدون سياسة ، لكون فضاء السياسة هو فضاء التواصل، لكن ليس كل كلام أو لغو في السياسة هو تواصل سياسي ،لأن التواصل السياسي في الأصل هو فرع منبثق عن علم السياسة، وهو حقل معرفي له آلياته ونظرياته وميكانزماته .
لذى، أقول إن العمل الحكومي كسياسات عمومية لا ينحصر على الإنجازات الميدانية والعملية رغم أهميتها، بل هي- أيضا- تواصل وتسويق ومشاركة الشعب هذه الإنجازات، خصوصاً امام ملفات حساسة ، مثل ملف مراجعة مدونة الاسرة، وملف التسوية الجبائية الطوعية اللذان بحاجة لتواصل استثنائي بعيدا عن التهويل والإشاعات والتضليل .
لا أحد ينكر بأن حكومة أخنوش تشتغل في ظروف وطنية ودولية، واجتماعية واقتصادية صعبة، وتعمل اكثر ما في جهدها للإلتزام بتفعيل برنامجها الانتخابي ،لكن طامتها الكبرى هي ان وزرائها لا يتواصلون بمهنية وبشفافية وبمهنية خصوصا حول قضايا جد حساسة عند المواطن مثل ملف مراجعة مدونة الاسرة، وملف التسوية الجبائية الطوعية ، رغم أن حكومة اخنوش قد سوقت نفسها كونها حكومة الكفاءات ،وحكومة التواصل..
لذى ، أقول ما بقي من ولاية حكومة اخنوش بحاجة لاستراتيجية تواصلية، ونفس تواصلي مؤسساتي يقوم به وزراء الحكومة انفسهم، وليس مؤسسات اعلامية أومدونين أو مؤثرين أو نخب تنوب عن الحكومة بالوكالة.
لانه ،بعد مرور ثلاث سنوات تقريبا على تعيين حكومة أخنوش،على وزرائها التواصل أكثر مع الشعب في هذه المرحلة الصعبة الحالية التي يمر منها المغرب،لأن أصعب ما يؤزم أكثر علاقات الحكومات مع مواطنينها هو اللاتواصل، والإلتجاء للصمت حتى تمر عاصفة الأزمات، و الرهان على هذا الخيار هو ما ينتج فراغا تواصليا مع الشعب تستغله بعض القوى المعادية للوطن أو لاخنوش كشخص أو للحكومة لخلق البلبلة والتشويش ومحاولة إشعال الفتنة وترويج الاشاعات والبروبغاندا وهو ما قد يمثل خطرا على الأمن والسلم الاجتماعيين اللذين يتميز بهما المغرب.
وانطلاقا مما قلنا سابقا،نقول ان واقع تعامل الحكومة ووزرائها مع جسر الثقة الذي يربطهم بالمواطنين، يسير في اتجاهات أخرى غير تلك المفترضة، إذ إنه يعمق الفجوة القائمة بين الحكومة والمواطن في غياب تواصل مؤسساتي مهني.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية