بعد طول انتظار وترقب دام عاماً ونصف العام بسبب أعمال الترميم والتحديث، يستعد ملعب محمد الخامس الشهير في الدار البيضاء لفتح أبوابه مجدداً واحتضان الحدث الكروي الأبرز محلياً: الديربي البيضاوي رقم 138. نهاية هذا الأسبوع، ستتجه الأنظار إلى “دونور” لمشاهدة المواجهة التقليدية بين قطبي المدينة، الوداد والرجاء الرياضيين.
لكن هذه العودة المرتقبة إلى المعقل التاريخي لا تأتي في أفضل الظروف. فالأجواء المحيطة بالمباراة المقررة يوم السبت مشحونة بالإحباط وخيبة الأمل؛ فكلا الفريقين يدخل اللقاء بمعنويات منخفضة بعد خروجهما الصادم والمبكر من منافسات كأس العرش، مما ألقى بظلال قاتمة على استعداداتهما للقمة.
وما يزيد الأمر تعقيداً هو شبح المقاطعة الجماهيرية الذي يهدد بتحويل مدرجات الملعب، التي طالما اهتزت بأهازيج الشغف، إلى مقاعد صامتة. فقد أعلنت الفصائل المنظمة لمشجعي الناديين قراراً غير مسبوق بمقاطعة هذا الديربي، الذي يتجاوز كونه مجرد مباراة ليصبح ظاهرة اجتماعية ووطنية. ويأتي هذا الاحتجاج، حسب بيانات الفصائل، رداً على ما وصفوه بـ “تهميش الجامعة المغربية لكرة القدم للبطولة الاحترافية” والشعور بالاستياء من “منع الجماهير من حضور مباريات الديربي لفترة طويلة تجاوزت الموسمين”.
وترى هذه الجماهير الغاضبة أن هناك محاولة لاستغلال هذا الحدث الكبير لـ “تسويق عودة الملعب” بشكل لا يراعي مشاعرهم، مؤكدين أن الجامعة التي استغنت عنهم طويلاً لا يحق لها الآن الاعتماد على شغفهم لإنجاح هذه المناسبة. ويضع هذا الموقف الحساس كلاً من رئيس الجامعة، فوزي لقجع، ورئيس العصبة الاحترافية، عبد السلام بلقشور، في موقف حرج للغاية، خاصة وأن الآمال كانت معقودة على تحويل هذه المباراة إلى احتفالية كبرى بمناسبة إعادة افتتاح الملعب، الذي يُعد أحد الملاعب الرئيسية المستضيفة لكأس أمم أفريقيا 2025.
تاريخياً، تحمل سجلات الديربي تفوقاً نسبياً للرجاء الرياضي. ففي إطار الدوري، حقق “النسور الخضر” 39 فوزاً مقابل 33 لـ “القلعة الحمراء”، بينما انتهت 65 مواجهة بالتعادل. وتستمر هذه الأفضلية في كأس العرش (7 انتصارات للرجاء مقابل 6 للوداد و5 تعادلات). وبالمجمل، التقى الفريقان 158 مرة، فاز الرجاء في 47 منها، والوداد في 41، وساد التعادل في 70 مناسبة. ويبقى سعيد غاندي، نجم الرجاء السابق، الهداف التاريخي للديربي بـ7 أهداف، يليه محمد بنشريفة، مدافع الوداد السابق، كهداف تاريخي لفريقه بـ4 أهداف. ولعل أبرز النتائج المسجلة هي فوز الرجاء الساحق 5-1 في كأس العرش 1995، والمواجهة المثيرة في كأس محمد السادس للأندية الأبطال التي انتهت بالتعادل 4-4.
ستدور رحى المواجهة المرتقبة مساء السبت 12 ابريل، انطلاقاً من الساعة الثامنة مساءً، على أرضية ملعب محمد الخامس، وذلك لحساب الجولة السادسة والعشرين من البطولة الاحترافية.
ومع اقتراب الموعد، يظل التساؤل الأكبر يدور حول التأثير الفعلي لقرار المقاطعة الجماهيرية. هل ستفقد هذه القمة الكلاسيكية، التي لطالما كانت الجماهير هي وقودها ونبضها، جزءاً كبيراً من بريقها وحماسها المعهود في ظل غياب اللاعب رقم واحد عن المدرجات؟ الأيام القليلة القادمة كفيلة بكشف ذلك.