تتجه الأنظار خلال الأيام القليلة المقبلة نحو المحكمة الدستورية، التي يُنتظر أن تُصدر قرارها بشأن مدى مطابقة مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية المتعلق بالمسطرة المدنية لأحكام الدستور، بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان بمجلسيه.
في خطوة وُصفت بـ”الوفاء بالتزام سابق”، قام راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، بإحالة المشروع على المحكمة الدستورية بتاريخ 9 يوليوز 2025، خلال المرحلة التي أعقبت مناقشة النص تحت قبة البرلمان.
وقد جاءت هذه الإحالة استنادًا إلى الفصل 132 من الدستور، والمادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى مقتضيات المادة 359 من النظام الداخلي لمجلس النواب، ما يعكس التفاعل المؤسساتي مع النقاش الدستوري المثار حول بعض المقتضيات.
ورغم أن مشروع القانون لا يندرج ضمن القوانين التنظيمية، التي تلزم الإحالة للقضاء الدستوري، إلا أن رئيس مجلس النواب استعمل صلاحياته الدستورية في هذا الصدد، رغبة في التحقق من سلامة بعض المواد التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والسياسية.
ويراهن عدد من المتتبعين على أن يُشكل قرار المحكمة الدستورية محطة فاصلة في حسم النقاش القانوني، لاسيما أن مشروع المسطرة المدنية يُعد من النصوص التشريعية الجوهرية في هيكلة منظومة العدالة بالمغرب، وينطوي على تغييرات مهمة تمس القواعد الإجرائية أمام القضاء.
وبموجب المساطر الجاري بها العمل، فإن المحكمة الدستورية مطالبة بإصدار قرارها في أجل أقصاه شهر من تاريخ التوصل بالإحالة، مع إمكانية تقليص هذا الأجل إلى ثمانية أيام في الحالات الاستعجالية بطلب من السلطة التنفيذية.
وفي سياق النقاش البرلماني حول مشروع قانون المسطرة المدنية، في وقت سابق، وجهت فرق المعارضة في وقت سابق، دعوة مباشرة لرئيس المجلس، من أجل الوفاء بالتزامه بإحالة المشروع على المحكمة الدستورية للتأكد من مدى انسجامه مع أحكام الدستور، وهذه الدعوة، التي اعتُبرت بمثابة تمرين ديمقراطي يعكس النضج المؤسسي، لاقت تجاوباً من وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي أعلن انفتاحه الكامل على هذه الخطوة.
أثناء جلسة التصويت في القراءة الثانية، التي عُقدت يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، حرصت المعارضة على التذكير بضرورة تفعيل مقتضيات الفصل 132 من الدستور، معتبرة أن الموقف المعلن من طرف رئاسة المجلس يُلزم المؤسسة بالتحرك في هذا الاتجاه. وفي هذا الصدد، عبّرت البرلمانية مليكة الزخنيني، عن الفريق الاشتراكي، عن رفض فريقها للمشروع، مؤكدة أن الإحالة على المحكمة الدستورية تشكل آلية ضرورية لحماية المكتسبات الديمقراطية.
من جانبه، شدد النائب عبد الصمد حيكر، عن مجموعة العدالة والتنمية، على أن مشروع القانون المعروض يطرح إشكاليات دستورية واضحة، داعياً إلى إحالته على المحكمة الدستورية قبل الدخول في المساطر المرتبطة بالطعن بعدم الدستورية. أما النائبة نادية التهامي، عن حزب التقدم والاشتراكية، فطالبت بدورها باحترام الالتزامات التي تم التعبير عنها في وقت سابق، فيما اختار رئيس المجلس الطالبي العلمي الرد بأسلوب ساخر قائلاً: “الالتزام وقع عليه التقادم”، قبل أن يفي بالتزاماته السياسية.
على الضفة المقابلة، أعلن وزير العدل عبد اللطيف وهبي دعمه الصريح لإحالة المشروع على المحكمة الدستورية، مؤكداً أنه لا يحتكر الصواب ومستعد لإعادة النقاش في حالة صدور قرار بعدم الدستورية. وأضاف قائلاً: “أطلب من الرئيس إحالته على المحكمة الدستورية، وافتخروا بذلك”، مشدداً على أن القانون المعني لا يخدم مصالح فردية، بل يندرج في إطار تشريعات تخدم الصالح العام وتستشرف المستقبل.