هل تعود “الحرب” بين “الأحرار” و”الاتحاد الاشتراكي”؟

قال الحسن السعدي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، إن هناك من يسعى إلى استغلال المطالب الاجتماعية من أجل “ركوب موجات الاحتجاج وتحريض الرأي العام ضد الحكومة”، محذّرا مما وصفه بـ“الممارسات البائسة” وتدهور الخطاب السياسي في البلاد.

وجاء الهجوم موجها بالأساس نحو الأحزاب ذات المرجعية الاشتراكية والإسلامية، والتي قال إنها “لم تطبق الشعارات التي رفعتها عندما تولت المسؤولية”، مضيفًا أن أول ما قامت به كان “بيع مؤسسات الدولة”، في إشارة مباشرة إلى سنوات التناوب التي قادها الاتحاد الاشتراكي في حكومة عبد الرحمان اليوسفي.

تصريحات السعدي، التي جاءت خلال المنتدى الجهوي للشبيبة التجمعية بجهة الشرق، أعادت إلى الأذهان أجواء التوتر السياسي الذي ساد في الأشهر الماضية بين “الأحرار” و”الاتحاد الاشتراكي”، والذي كان من أبرز تجلياته هجوم محمد أوجار، القيادي البارز في الحزب، على هيمنة ما وصفه بـ”تيار يساري” على مؤسسات الحكامة، بعد الهجوم القوي من لشكر والاتحاد على التجمع الوطني للأحرار، بعدما فشل “الوردة” في الدخول في أغلبية “الميزان والحمامة والتراكتور”.

وفي نونبر 2024، عبّر أوجار عن استيائه مما اعتبره “تغوّلًا يساريًا” داخل مؤسسات دستورية يفترض أن تتمتع بالاستقلالية والتعدد، مثل المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكلها مؤسسات يرأسها اتحاديون سابقون أو شخصيات قريبة من حزب الاتحاد الاشتراكي.

وذهب أوجار إلى حدّ التشكيك في حياد التقارير التي تصدرها هذه المؤسسات، معتبرًا أن الخلفية الإيديولوجية لرؤسائها تؤثر على مضمون أعمالهم، لاسيما بعد الأزمات بين الـHCP والحكومة، وأزمة البشير الراشدي، ما اعتُبر حينها هجومًا سياسيًا غير مسبوق على مؤسسات دستورية.

هذا التوتر ليس جديدا تماما، فقد سبقه توتر أكبر وأكثر علنية عقب انتخابات 8 شتنبر 2021، حين فجّرت أسماء أغلالو، مرشحة “الأحرار” لمنصب عمدة الرباط، جدلًا واسعًا بوصفها لحزب الاتحاد الاشتراكي بأنه “سقط إلى مزبلة التاريخ”، مستنكرة ما وصفته بـ”البلطجة والعنف اللفظي والتهديد بالقتل” داخل قاعة انتخاب رئيس مجلس جماعة الرباط، في مشهد كانت فيه الاتهامات متبادلة لكن تصريحات العمدة كانت الأكثر قسوة وإهانة للاتحاديين، بعدما كان نجل إدريس لشكر مرشحا للعمودية، في مواجهة زوجة البرلماني سعد بن مبارك.

ويشير السياق الحالي إلى أن العلاقات بين الحزبين عادت إلى أجواء الشك والتوتر، إن لم نقل المواجهة المفتوحة، رغم وجودهما في تحالف حكومي سابق، أو اشتراكهما في تحالفات محلية في بعض الجهات. ما تغير اليوم، هو أن حزب الاتحاد الاشتراكي بات أكثر انفتاحًا على خطاب نقدي تجاه الحكومة، بل ويتبنى أحيانا مواقف توصف بالمعارضة الرمادية، في الوقت الذي يسعى فيه حزب التجمع الوطني للأحرار إلى تثبيت نفسه كقطب حكومي لا يقبل التشكيك في شرعيته أو في حصيلته.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *