سعد برادة.. عفوية صادقة وعزيمة قوية في طريق إصلاح التعليم

منذ تعيينه وزيرًا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أبان محمد سعد برادة عن أسلوب جديد في تدبير قطاع يعتبر من أعقد القطاعات الحكومية وأكثرها حساسية، فقد اختار أن يواجه الواقع بجرأة، وأن يقطع مع أساليب التسويف والمجاملات التي طبعت الخطاب الرسمي حول التعليم لسنوات.

فمنذ تقلده المنصب  بدأت ملامح توجهه الإصلاحي تتضح، لا من خلال البلاغات الرسمية فقط، بل من حضوره الميداني، وتدخّلاته الصريحة، وإصراره على أن يكون صوت المدرسة العمومية مسموعًا في قلب النقاش السياسي الوطني.

وقد تأكد هذا التوجه بقوة خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب أمس  الاثنين، حيث أبان الوزير عن شجاعة لافتة في مواجهة انتقادات بعض النواب، متحملًا المسؤولية السياسية في إطلاق إصلاحات يصفها كثيرون بالجريئة، خصوصًا تلك المتعلقة بشهادة الباكالوريا  والتكوين والتقييم التربوي ورجال التعليم.

لم يتردّد الوزير في التأكيد أن الإصلاح لن يكون سهلًا، لكنه ضروري، معلنًا أن زمن المجاملة قد انتهى، وأن المرحلة تتطلب الصراحة والوضوح وتحمل التبعات السياسية، حضوره في البرلمان كان أكثر من مجرد واجب دستوري، لقد كان رسالة سياسية واضحة مفادها أن الوزير لا يخشى المواجهة، وأنه مستعد للدفاع عن رؤيته مهما كانت كلفة المواجهة مع من يقاوم التغيير.

من قلب المؤسسة التشريعية، لم يكتفِ برادة بتبرير قراراته، بل بسط معطيات دقيقة وأرقامًا واقعية حول واقع المنظومة، مقدمًا مقترحات عملية تتراوح بين تحديث التكوين الأساسي للمدرسين، وإطلاق مسارات للدعم المدرسي، وتسريع رقمنة الفصول الدراسية، ووضع آلية جديدة لتقييم أداء الأطر التربوية.

كل ذلك يؤشر على تحول واضح في فلسفة التدبير، من إدارة الأزمة إلى قيادة التغيير، وهو ما لاقى صدى إيجابيًا حتى لدى بعض معارضيه الذين لم يُخفوا احترامهم لأسلوبه الواضح وصراحته النادرة في التعاطي مع الملفات الشائكة.

محمد سعد برادة لا يتحدث كثيرًا عن “النموذج المثالي”، بل يفضّل العمل بصمت وتدرج، مؤمنًا بأن إصلاح المدرسة العمومية لا يمكن أن يتم إلا من خلال قرارات شجاعة تُتخذ من موقع المسؤولية لا الحسابات السياسية الضيقة. لذلك، فإن ما جرى تحت قبة البرلمان يوم أمس الاثنين لم يكن مجرد نقاش اعتيادي، بل محطة مفصلية تعكس أسلوب وزير بدأ يُعيد للسياسة التعليمية هيبتها، وللنقاش العمومي حول المدرسة جديته المفقودة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *