أشعلت الولايات المتحدة موجة استنكار واسعة في مجلس الأمن الدولي، بعد استخدامها حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بدون قيود. واعتُبر الموقف الأميركي بمثابة “ضوء أخضر للإبادة”، وفق تعبير السفير الباكستاني عاصم افتخار أحمد، الذي وصف الفيتو بـ”وصمة عار أخلاقية في ضمير مجلس الأمن”.
ورغم تأييد 14 من أصل 15 دولة للمشروع الذي قدمته الدول غير الدائمة العضوية، كانت واشنطن الوحيدة التي عارضته، بدعوى أنه “يُقوّض الجهود الدبلوماسية” ويُكرّس “مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس”، بحسب تصريحات المندوبة الأميركية دوروثي شيا.
السفير الجزائري عمّار بن جامع شدد على أن “الصمت لا يدافع عن الموتى”، فيما حذّر السفير السلوفيني صموئيل زبوغار من مسؤولية المجتمع الدولي “أمام التاريخ”، قائلاً: “كفى، كفى!”.
من جهته، دعا السفير الصيني فو كونغ واشنطن إلى “التخلي عن الحسابات السياسية”، بينما أعربت فرنسا وبريطانيا عن “أسفهما العميق” لنتيجة التصويت.
ويأتي هذا الفيتو الأميركي في وقت يتصاعد فيه الضغط العالمي على إسرائيل، وسط تحذيرات من المجاعة في غزة، واستمرار الحصار، وتنديد واسع النطاق بانتهاكات حقوق الإنسان.
في موازاة ذلك، أثارت “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة أميركياً، شكوكاً واسعة بسبب طبيعة تمويلها وغموض عملياتها، بعد تقارير عن مقتل العشرات قرب مراكز توزيع تابعة لها. ووصفت الأمم المتحدة هذه المراكز بأنها “فخ مميت”، رافضة التعاون معها لانتهاكها المبادئ الإنسانية الأساسية.
من جانبه، قال السفير الفلسطيني رياض منصور إن مجلس الأمن “لا يمكن أن يبقى عاجزاً أمام هذه الجريمة”، مؤكداً أن “التاريخ سيحاسب الجميع”.
أما إسرائيل، فقد اعتبرت إسقاط القرار “انتصاراً للحق”، وفق تعبير مندوبها داني دانون، الذي شكر الولايات المتحدة على “وأد المشروع”.
في المقابل، وصفت حركة حماس الفيتو الأميركي بأنه “تجسيد للانحياز الأعمى” لواشنطن، واتهمت إدارة بايدن بـ”التواطؤ في جرائم حرب”.
ويُعد هذا التصويت هو الأول منذ يناير الماضي بشأن الحرب على غزة، ويؤكد استمرار الانقسام الدولي حول كيفية إنهاء واحدة من أكثر الحروب دموية وتعقيداً في الشرق الأوسط منذ عقود.