في خطوة مفاجئة وضعت حداً مؤقتاً لصراع دموي استمر قرابة أسبوعين، أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاق “نهائي وشامل” بين إسرائيل وإيران، ينص على وقف لإطلاق النار يبدأ خلال الساعات الست المقبلة، فور إنهاء الجانبين لما وصف بـ”المهام الجارية”.
وحدد البيان، الذي نشره ترامب على حساباته الرسمية، مدة أولية لوقف إطلاق النار تمتد 12 ساعة، تبدأ بتطبيق إيراني أولاً، تليها استجابة إسرائيلية عند تمام الثانية عشرة ظهرًا. ووفقًا للاتفاق، فإن مضي 24 ساعة دون خروقات سيُمهّد لإعلان نهاية رسمية لما وصفه ترامب بـ”حرب الأيام الـ12″، التي تسببت في توتر إقليمي غير مسبوق.
ووصف ترامب هذه الخطوة بأنها “انتصار للصبر والشجاعة والذكاء”، مؤكدًا أن الصراع كاد يتحول إلى حرب مدمّرة للمنطقة، لولا التدخل في الوقت المناسب. وختم رسالته بنبرة احتفالية واسعة، مخاطبًا العالم: “ليبارك الله إسرائيل، ليبارك الله إيران، ليبارك الله الولايات المتحدة، وليبارك الله العالم بأسره!”.
وفي تصريح موازٍ لشبكة “إن.بي.سي نيوز”، ذهب ترامب أبعد من ذلك بتأكيده أن وقف إطلاق النار “سيستمر إلى الأبد”، مبدياً ثقته في التزام الطرفين بالهدنة التي لعبت فيها واشنطن دور الوسيط الحاسم.
لكن التباين في التصريحات لم يغب عن المشهد، فبينما أبدى ترامب تفاؤله العلني، خرج وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بتصريح أكثر حذراً على منصة “إكس”، في حدود الساعة الرابعة والربع صباحاً بتوقيت طهران، حيث أكد أنه “لا يوجد أي اتفاق نهائي حتى اللحظة”، مضيفًا أن طهران لا تنوي الاستمرار في العمليات إذا ما التزمت إسرائيل بوقف ضرباتها قبل الرابعة فجراً.
هذه اللهجة المشروطة لم تمنع تطوراً دبلوماسياً في الكواليس، فبحسب مصدر مطلع على سير المفاوضات، لعب رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، دورًا محورياً في إقناع طهران بالمقترح الأمريكي.
وأجرى اتصالات مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين، بعد أن تلقى الضوء الأخضر من الرئيس ترامب نفسه، الذي أبلغه بموافقة تل أبيب على المقترح وطلب وساطته لتليين موقف طهران.
وفي تدوينة لاحقة، كشف ترامب أن إيران قد أبلغت الولايات المتحدة مسبقًا بنيتها استهداف قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، ما أتاح اتخاذ إجراءات وقائية حالت دون وقوع خسائر بشرية. وقال: “لم يُصب أي أمريكي بأذى، والأضرار كانت طفيفة، الأهم من ذلك أن الإيرانيين اختاروا تحذيرنا مسبقاً، وهو ما ساعد في احتواء التصعيد”.
ترامب استغل المناسبة لتوجيه رسالة مزدوجة: أولاً شكر طهران على “الإنذار النبيل”، وثانياً عبر عن أمله في أن يكون هذا التطور نقطة انطلاق نحو ما سماه “سلاماً دائماً”، كما أعرب عن امتنانه لأمير قطر على ما قدمه من جهود “صادقة ومسؤولة” للمساعدة في نزع فتيل الأزمة.
وتطرق الرئيس الأمريكي السابق أيضاً إلى تفاصيل الضربة الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، قائلاً إن “جميع المواقع المستهدفة قد تم تدميرها بالكامل”، نافياً صحة التقارير التي تحدثت عن أضرار جزئية فقط.
وبحسب ما ورد، فإن إيران ردّت بإطلاق 14 صاروخًا، تم اعتراض 13 منها، بينما تُرك صاروخ واحد دون اعتراض “لأنه لم يُشكّل تهديدًا”، على حد تعبير ترامب، الذي وصف الرد الإيراني بأنه “ضعيف جداً”، ما يعكس – بحسبه – “تراجع الرغبة في التصعيد”.
أما التصريحات الإيرانية الرسمية فقد أكدت من جانبها أن العملية العسكرية جاءت رداً على استهداف أمريكي مباشر للمنشآت النووية، وأعلنت طهران أنها قصفت مواقع أمريكية في كل من العراق وقطر، مما ضاعف المخاوف من تحول النزاع إلى مواجهة مفتوحة.
وفي ختام البيان، عاد ترامب ليكرر رسالته الأثيرة: “الوقت الآن هو وقت السلام”. وفي مشهد إقليمي يسير على حد السكين، تظلّ فعالية هذا الاتفاق رهينة الالتزام الميداني أكثر من البلاغات الاحتفالية.