كشفت السلطات النيجيرية أن الجزائر أعادت أكثر من 16 ألف مهاجر أفريقي غير نظامي إلى البلاد منذ أبريل الماضي، بينهم نساء وأطفال، وهو ما يمثل أكثر من نصف عمليات الطرد خلال عام 2024 بأكمله. هذه الأرقام الصادمة تكشف عن سياسة منهجية تنتهجها الجزائر في التعامل مع ملف الهجرة، حيث تتجاهل أبسط معايير حقوق الإنسان وتنتهك المواثيق الدولية تحت ذريعة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
في بداية الأسبوع الماضي، وصلت مجموعتان كبيرتان من المهجرين قسراً إلى بلدة أساماكا الحدودية، الأولى ضمت 688 مواطناً من 12 دولة أفريقية بينهم 239 نيجيرياً، بينما شملت الثانية 778 نيجيرياً بينهم 222 قاصراً، تم نقلهم في ظروف قاسية على متن 13 شاحنة. هذه العمليات الجماعية تؤكد أن الجزائر تتعامل مع المهاجرين الأفارقة كأرقام وليس كبشر، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الذي يحظر الترحيل القسري والتعامل غير الإنساني مع الأفراد.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات، حيث تم ترحيل 8086 مهاجراً خلال شهر مايو وحده، بينهم 5287 نيجيرياً و2799 من جنسيات أفريقية أخرى. التقارير الحقوقية تؤكد أن هذه العمليات تتم في ظروف مزرية، حيث يُترك المهجرون في مناطق نائية دون مأوى أو غذاء أو رعاية طبية، بينما تتحدث شهادات الناجين عن تعرضهم للضرب والابتزاز من قبل قوات الأمن الجزائرية.
هذه السياسات لا تعكس فقط ازدواجية النظام الجزائري، الذي يتحدث عن التضامن الأفريقي بينما يطرد الأفارقة بأبشع الطرق، بل تكشف أيضاً عن أزمة عميقة في إدارة الملف الحقوقي. فبينما تدعي الجزائر التزامها بحقوق الإنسان على المستوى الدولي، تتعامل بوحشية مع المهاجرين الأفارقة، مما يجعلها عرضة لعزلة دولية متزايدة.
اللافت هو الصمت الدولي تجاه هذه الانتهاكات، رغم أنها تشكل جرائم واضحة ضد الإنسانية. فبينما تتعرض الجزائر لانتقادات من بعض المنظمات الحقوقية، يبدو المجتمع الدولي غير راغب في اتخاذ موقف حاسم تجاه نظام يكرس نفسه عدواً لحقوق الإنسان. السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: إلى متى ستستمر الجزائر في سياساتها القمعية قبل أن تدفع ثمن عزلها الدولي؟