منشآت بدون ملكية ومصاريف بلا سند.. تقرير يكشف كواليس مالية “البام”

رصد المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية برسم سنة 2023، عدداً من الملاحظات المحاسباتية والإدارية المرتبطة بحزب الأصالة والمعاصرة “البام”، رغم إشهاد الخبير المحاسب بصحة حسابه السنوي دون تحفظ، وتقديمه ضمن الآجال القانونية المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية.

ووفقاً للمعطيات الرسمية، بلغت مداخيل الحزب خلال سنة 2023 ما مجموعه 14.669.096,28 درهم، غالبيتها من مساهمة الدولة في مصاريف التسيير والتي شكّلت 79,59% من إجمالي الموارد، فيما مثّلت واجبات الانخراط والمساهمات 20,37%. أما النفقات، فقد بلغت 18.051.133,01 درهم، خصصت كلها لتغطية تكاليف التسيير، دون تسجيل أي عمليات اقتناء للأصول أو استثمارات.

ورغم التزام الحزب بالإجراءات الشكلية، إلا أن عملية التدقيق أسفرت عن تسجيل 11 ملاحظة محاسباتية، لم تُقدّم بشأن بعضها تبريرات كافية. وأبرز هذه الملاحظات تعلّقت بعدم إدراج مبلغ الدعم غير المستعمل والواجب إرجاعه إلى خزينة الدولة، والبالغ 310.158,51 درهم، ضمن موازنة سنة 2023، كما لم يُدرج في الحسابات ذات الصلة كمخصصات أو ديون، بالرغم من أن هذا المبلغ يمثل دينًا مترتبًا منذ سنة 2022.

واعتبر المجلس أن هذا الإغفال يُعد خرقًا لقاعدة “الشمولية”، المنصوص عليها في الدليل العام للمعايير المحاسبية، والتي تفرض إدراج جميع العمليات المالية في السنة التي تمت فيها. وقد صرح الحزب بأنه قام بإرجاع المبلغ للخزينة بتاريخ 13 مارس 2024، وأدرجه ضمن محاسبة سنة 2024، وهو ما لا يعفيه من وجوب تسجيله في محاسبة السنة التي ترتب فيها الدين.

كما لاحظ المجلس تأخراً في تسوية حسابات تتعلق بإنشاءات تم إنجازها داخل مقر حزبي مكتري تم فسخ عقده منذ دجنبر 2020. وقد سجّل الحزب هذه العمليات المحاسبية في 31 دجنبر 2023 بمبلغ إجمالي بلغ 3.522.857,28 درهم دون تقديم تفاصيل حول طبيعة العمليات أو مستندات إثباتها، ورغم تأكيد الحزب على استهلاك هذه الإنشاءات بالكامل، أشار التقرير إلى أن التأخر في تسوية هذه الحسابات قد يؤثر سلباً على دقة القوائم التركيبية.

وفيما يتعلق بتبرير النفقات، خصوصًا تلك المرتبطة بالدعم السنوي الإضافي المخصص للمهام والدراسات لسنة 2022، فقد قام الحزب بإرجاع المبلغ غير المستعمل، وأدلى بسبع مخرجات دراسية في إطار اتفاقيات موقعة مع مكتب دراسات، وبلغت كلفة هذه الدراسات 4.360.000,00 درهم، بينما تم إرجاع الفرق للخزينة بقيمة 310.158,51 درهم.

أما بخصوص تنفيذ التوصيات التقرير السابق للمجلس، فقد أشار الحزب إلى التزامه بمبدأ الوضوح في تسجيل العمليات المحاسبية وفق تسلسلها الزمني، إلا أنه برر استمرار توقيع عقود كراء مقرات حزبية بأسماء مسؤولين جهويين أو إقليميين بصعوبة العثور على فضاءات للإيجار باسم الحزب مباشرة. وتعهد الحزب بإعداد ملحقات للعقود تُدرج فيها تسميات الحزب بشكل صريح.

وفي ضوء هذه الملاحظات، أوصى المجلس الأعلى للحسابات حزب الأصالة والمعاصرة بتسوية حساباته داخل آجال معقولة، وإدراج المبالغ الواجب إرجاعها إلى الدولة ضمن موازنته السنوية، مع احترام قاعدة الشمولية ومبدأ الوضوح في المحاسبة، وضمان تعبير القوائم التركيبية عن صورة مالية أمينة وشاملة.

ويأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه الدعوات لمحاسبة الأحزاب السياسية على تدبيرها للدعم العمومي، وتعزيز الشفافية المالية كشرط أساسي لاستعادة ثقة المواطنين في المؤسسات الحزبية، ومواكبة الورش الإصلاحي الذي يروم تخليق الحياة السياسية بالمغرب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *