خيبة مزدوجة للبوليساريو من حكومة طالما علقت عليها الآمال

تلقت جبهة البوليساريو الانفصالية صفعة دبلوماسية جديدة من العيار الثقيل، بعد أن جددت حكومة المملكة المتحدة، بقيادة حزب العمال، دعمها الواضح والصريح لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه المملكة المغربية كحل جدي وواقعي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي جاء ليعزز رصيد المبادرة المغربية داخل المجتمع الدولي، ويعمّق في المقابل عزلة الجبهة ومن يدعمها.

وفي بيان رسمي لما تسميه الجبهة بـ”وزارة الخارجية”، أعربت البوليساريو عن “أسفها العميق وخيبة أملها” إزاء ما تضمنه البيان المشترك الصادر يوم الأحد بين لندن والرباط، والذي وصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه “الأكثر مصداقية، وقابلية للتطبيق، وبراغماتية”، وهو ما مثّل، بالنسبة للكيان الانفصالي، انهيارًا لرهانات كانت قد عقدتها على تغير مواقف بريطانيا بعد صعود حكومة كير ستارمر اليسارية.

خيبة البوليساريو لم تكن فقط سياسية، بل معنوية أيضًا، إذ شعرت الجبهة بأنها خُذلت من حكومة ظنت أنها ستنحاز لأطروحة “تقرير المصير”، مستندة في ذلك إلى مواقف بعض نواب حزب العمال البريطاني، ممن سبق لهم التعبير عن تعاطفهم مع الانفصال، لكن الموقف الجديد لحكومة لندن جاء بمثابة قطيعة واضحة مع هذه الخطابات غير الرسمية، ومؤشرا على أن الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي كمقترح جاد بدأ يتحول إلى إجماع.

وفي محاولة للتقليل من وقع الموقف البريطاني، لجأت الجبهة الانفصالية، في بيانها، إلى ترديد ما سبق أن ورد في بيان النظام الجزائري، بالتشكيك في قيمة الدعم البريطاني، بزعم أن لندن لم تصل بعد إلى مستوى “الاعتراف بالسيادة المغربية”، في مغالطة دبلوماسية واضحة تتجاهل أن دعم المبادرة المغربية ضمن بيان رسمي ثنائي، يمثل تحولا نوعيا في مسار المواقف الأوروبية من النزاع.

الجدير بالذكر أن حكومة ستارمر كانت قد عبّرت عن هذا التوجه منذ شهور، حينما أعلنت عبر الموقع الرسمي لمجلس اللوردات، دعمها الكامل لاستمرار اتفاقية الشراكة التجارية بين المملكة المتحدة والمغرب، بما يشمل الأقاليم الجنوبية، معتبرة أن هذا التعاون لا يتعارض مع القانون الدولي، ما دام يحترم مصالح الساكنة المحلية.

وفي رد على سؤال برلماني للنائب بين لايك، أوضح النائب العمالي هاميش فالكونر، أن حكومة بلاده لا تعتبر الأنشطة الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية غير قانونية، مؤكدا استمرار دعم بريطانيا لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي ستافان دي ميستورا، وتشجيعها لكل مشاركة بنّاءة في العملية السياسية.

بهذا الموقف، تكون حكومة المملكة المتحدة قد أغلقت باب التأويلات، وجددت التزامها بمقاربة واقعية وبراغماتية تنسجم مع التحولات الإقليمية والدولية، وتعزز المرجعية الدولية للحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وتضع حدا لأوهام الكيان الانفصالي، الذي يجد نفسه يوما بعد آخر معزولا عن الدينامية المتسارعة للاعترافات الدولية المتنامية بعدالة المقترح المغربي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *