أزمات الغذاء تتفاقم: 1.9 مليون إنسان يواجهون خطر المجاعة

كشفت الشبكة العالمية لمكافحة أزمات الغذاء، في تقريرها السنوي الصادر حديثا، عن تفاقم غير مسبوق في مستويات الجوع الحاد عبر العالم، مسجلة أن أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة وإقليما واجهوا انعداما حادا في الأمن الغذائي خلال سنة 2024، بزيادة بلغت 13.7 مليون شخص مقارنة بالعام الذي سبقه.

وبحسب التقرير، فإن هذا هو العام الخامس على التوالي الذي تتجاوز فيه نسبة المتضررين من الجوع الحاد 20% من مجموع السكان الذين شملهم التقييم، لتصل خلال السنة الماضية إلى 22.6%، في مؤشر ينذر بمزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية على مستوى العالم.

ومن بين المعطيات الأكثر إثارة للقلق، رصد التقرير تضاعف عدد من يعانون من “الجوع الكارثي”، أو ما يصنف بالمرحلة الخامسة والأشد خطورة وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، حيث بلغ عددهم 1.9 مليون شخص، وهو أعلى رقم تسجله الشبكة منذ بدء عملية الرصد عام 2016. وسلط التقرير الضوء على مناطق مثل قطاع غزة، والسودان، واليمن، كمراكز رئيسية لهذه الكارثة، وسط تفشي مستويات حرجة من سوء التغذية، لاسيما بين الأطفال.

وفي هذا السياق، سجل التقرير أن نحو 38 مليون طفل دون سن الخامسة عانوا من سوء التغذية الحاد في 26 أزمة غذائية شملها التقييم، وهو ما يبرز خطورة الوضع الإنساني وتأثيره المباشر على الفئات الهشة.

كما أشار التقرير إلى الترابط الوثيق بين النزوح القسري وأزمات الغذاء، مبرزا أن نحو 95 مليون نازح – من نازحين داخليين ولاجئين وطالبي لجوء – يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية حادة، منها الكونغو الديمقراطية وكولومبيا والسودان وسوريا، من أصل 128 مليون نازح قسري في العالم.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف التقرير بأنه “إدانة أخرى لعالم يسير على نحو خطير خارج المسار الصحيح”، مؤكدا أن “الأزمات المزمنة تتفاقم اليوم بفعل أزمة جديدة تتمثل في الانخفاض الكبير في التمويل الإنساني المنقذ للحياة”. وأضاف: “هذا أكثر من مجرد فشل في الأنظمة، إنه فشل في الإنسانية. الجوع في القرن الحادي والعشرين لا يمكن الدفاع عنه”.

وحدد التقرير الصراعات المسلحة كأهم العوامل المسببة لانعدام الأمن الغذائي، حيث أثرت على نحو 140 مليون شخص في 20 دولة وإقليما. وأكد حدوث مجاعة بالفعل في السودان، فيما تستمر الأوضاع الكارثية في كل من قطاع غزة، وجنوب السودان، وهايتي، ومالي.

إلى جانب ذلك، ساهمت الصدمات الاقتصادية – من تضخم، وانخفاض قيمة العملات – في تعميق أزمات الغذاء في بلدان كأفغانستان وسوريا واليمن، إلى جانب الكوارث المناخية، خاصة حالات الجفاف والفيضانات الناتجة عن ظاهرة “النينيو”.

وتتوقع الشبكة العالمية استمرار تفاقم الجوع خلال عام 2025، محذرة من تسجيل أكبر انخفاض في تمويل الاستجابات الإنسانية لأزمات الغذاء والتغذية في تاريخها، وهو ما قد يزيد من صعوبة احتواء الوضع.

في مواجهة هذا التصعيد، دعا التقرير إلى اتخاذ خطوات جريئة ومبنية على الأدلة، تركز على توجيه الموارد حيث تكون الحاجة ماسة، وتعطي الأولوية لاحتياجات المجتمعات المتضررة وأصواتها، داعيا إلى تعزيز الاستثمارات في النظم الغذائية المحلية وخدمات التغذية المتكاملة، وبناء القدرة على الصمود، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد فيها غالبية الأسر على الزراعة.

جدير بالذكر أن التقرير العالمي حول أزمات الغذاء يصدر سنويا عن الشبكة العالمية لمكافحة أزمات الغذاء، وهو تحالف يضم مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إلى جانب وكالات حكومية وغير حكومية تعمل على التصدي لأزمات الغذاء حول العالم.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *