في أول تقرير رسمي يصدر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي خلال ولاية رحمة بورقية، وجهت الهيئة الدستورية انتقادات لاذعة للنسخة الأولية من دلائل الوظائف والكفاءات التي أعدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في عهد الوزير عز الدين الميداوي.
التقرير رصد جملة من الاختلالات التي تطال هذه الوثيقة المرجعية المفترض أن تؤطر مهن وموارد القطاع الحيوي.
المجلس اعتبر أن الدلائل المقترحة لم تشمل كافة المهن والأطر العاملة داخل وزارة التعليم العالي، إذ تم استبعاد فئات حيوية مثل الأطر البيداغوجية وأطر البحث والتقنيين والعاملين بالإدارة، وهو ما يضعف من جدوى هذه الوثائق كأداة استراتيجية لتدبير الموارد البشرية ورسم السياسات المستقبلية.
كما سجل التقرير أن هذه الدلائل أغفلت التطورات المستقبلية التي يشهدها القطاع، ولم تأخذ بعين الاعتبار المهام والوظائف التي يفرضها السياق المتغير للبحث العلمي والتعليم العالي، فضلاً عن تجاهلها لتوصيفات دقيقة تخص فئات وازنة من مهنيي القطاع، كهيئة الأساتذة الباحثين والأطر التربوية والتقنية والإدارية داخل الجامعات ومديريات الوزارة.
ولم تقف ملاحظات المجلس عند حدود الشمولية، بل طالت أيضاً الجانب المنهجي، حيث انتقد غياب تصور استباقي لتدبير الكفاءات، وعدم تحديد دقيق للمهارات المطلوبة، ما من شأنه أن يحد من فعالية هذه الدلائل في تحسين التوظيف، وتطوير التكوين المستمر، وتنمية المسارات المهنية بالشكل الذي يتلاءم مع حاجيات القطاع.
كما سجل التقرير غياب تصور واضح لمسارات الترقي والتنقل بين مختلف البنيات الإدارية والمؤسساتية، مما يُعيق المرونة الوظيفية داخل الإدارة المركزية ورئاسات الجامعات والمؤسسات التابعة لها. كما انتقد المجلس عدم الالتزام بتصنيف الوظائف ضمن أسر مهنية محددة، وغياب توصيف دقيق للكفاءات ومستويات إتقانها.
وفي سبيل تجاوز هذه النقائص، أوصى المجلس بإدراج هذه الدلائل المرجعية ضمن رؤية شمولية لإصلاح التعليم العالي، وفق ما نص عليه القانون الإطار 51.17، وبأن تندرج في إطار مخطط مندمج لتدبير المسارات المهنية يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف مكونات المنظومة، سواء تعلق الأمر بالإدارة أو المؤسسات الجامعية.
وختم التقرير بتأكيد ضرورة توفر هذه الدلائل على سند قانوني صريح داخل التشريع المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي، بما يضمن فعاليتها وشرعيتها، ويعزز من قدرتها على إرساء تدبير ناجع ومحكم للموارد البشرية داخل القطاع.