في سابقة مثيرة للقلق داخل المؤسسة التشريعية، اندلع شجار عنيف بين نائبين برلمانيين، قبل أيام داخل مجلس النواب.
لكن ماذا وقع بالضبط ؟
مصادر برلمانية كشفت لـ”بلبريس” أن النائبين (ا.ش) و (ا.ا) ينحدران من مدينة صفرو، وأحدهما لا يزال ضمن صفوف حزب اشتراكي المرجعية، بينما الاخر انتقل إلى حزب الأصالة والمعاصرة المنتمي إلى الأغلبية الحكومية.
وحسب المصادر نفسها، فإن الخلاف بين الطرفين لم يكن وليد اللحظة، بل يعكس تراكمات سياسية وشخصية تفجرت في لحظة احتكاك مباشر خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب.
الحادثة، التي وقعت بالقرب من مقر فريق الأصالة والمعاصرة داخل البرلمان، بدأت بملاسنة حادة تطوّرت بشكل مفاجئ إلى اشتباك جسدي بين الطرفين، في مشهد فاجأ زملاءهم وتحول سريعًا إلى مادة غاضبة وساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
النائب المنتمي إلى الأغلبية، اتهم زميله بلمس موضع حساس في جسده يُخفي فيه ما يُشتبه أنه “حرز”، مما اعتبره استفزازًا صارخًا ومساسًا بمعتقداته، وأشعل فتيل الصدام العنيف.
من اللافت أن النائبين، اللذين سبق أن جمعتهما علاقة صداقة وتنسيق سياسي على المستوى المحلي، أصبحا خصمين شرسين بعد أن فرّقتهما تحالفات ما بعد الانتخابات وصراعات النفوذ داخل الإقليم.
وما يزيد من عمق الأزمة هو أن الحادث لم يكن فقط شجارًا عرضيًا، بل تعبيرًا فجًا عن حالة من التوتر الشخصي والسياسي بلغت حد تبادل الاتهامات باللجوء إلى الخرافة والشعوذة لتحقيق مكاسب سياسية، في وقت يُفترض فيه أن يكون نواب الأمة أول المدافعين عن العقلانية والمؤسسات.
وبالرغم من تدخل عدد من البرلمانيين، بينهم رئيس لجنة دائمة ورئيس سابق لفريق برلماني، في محاولة لتهدئة الوضع، إلا أن الجهود الرامية إلى احتواء الفضيحة عبر الوساطة والمبادرات الودية باءت بالفشل.
وحسب نفس المصادر، أنه مع تعذر المصالحة، تم اللجوء إلى لجنة الأخلاقيات البرلمانية من أجل حسم النزاع، وسط مطالب متزايدة بإعمال مبدأ المحاسبة داخل قبة البرلمان.
مصادر من داخل المجلس أكدت أن رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي تلقى تقريرًا مفصلًا يتضمن وقائع الحادث وهوية الشهود، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات التأديبية المنصوص عليها في مدونة السلوك، خصوصًا بعد وصف أحد البرلمانيين للحادث بأنه “انحدار غير مسبوق” و”تدنٍّ أخلاقي يسيء إلى صورة المؤسسة التشريعية برمّتها”.
وفي سياق تغطيتها للواقعة، حاولت جريدة “بلبريس” ربط الاتصال بأحد أطراف النزاع البرلماني عبر رقمين هاتفيين دون أن تتلقى أي رد، مما يُثير التساؤلات حول موقفه من التصعيد الإعلامي المحيط بالقضية، وهل اختار الصمت تفاديًا لأي تبعات قانونية أو أخلاقية قد تترتب على تصريحاته.
بعيدًا عن تفاصيل الاشتباك، تعيد هذه الحادثة طرح أسئلة جوهرية حول من يمثلون الشعب تحت قبة البرلمان، ومدى التزامهم بروح المسؤولية والاحترام المؤسسي، في وقت يحتاج فيه المغرب أكثر من أي وقت مضى إلى نخبة سياسية تتصف بالرصانة، لا إلى مشاهد فوضوية تُغذي الشكوك وتؤجج فقدان الثقة في العمل البرلماني.