كشفت وثائق رسمية عن قيام الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT) بمنح عقد لتوريد معدات إذاعية بقيمة 3.75 مليون درهم لشركة فرنسية، في خطوة تثير تساؤلات حول أولويات المؤسسة العمومية. ففي الوقت الذي تنفق فيه الملايين على التجهيزات التقنية، يظل المشاهد المغربي يعاني من محتوى إعلامي ضعيف لا يلبي تطلعاته، ولا يعكس التطور التكنولوجي الذي تشهده وسائل الإعلام العالمية.
ما يلفت الانتباه في هذه الصفقة هو اقتصار المنافسة على شركة واحدة فقط، وهو ما يضع علامات استفهام حول مدى تنافسية السوق وحرص SNRT على البحث عن أفضل العروض. كما أن التعديل الطفيف في قيمة العقد بعد فتح الظروف يزيد من الحاجة إلى مزيد من الشفافية في مثل هذه العمليات، خاصة عندما يتعلق الأمر بأموال عمومية.
المؤسف حقاً هو أن هذه الاستثمارات الكبيرة في المعدات لا تترجم على أرض الواقع إلى تحسن ملموس في جودة المحتوى المقدم. فالقنوات العمومية ما زالت تعاني من:
– نشرات إخبارية تقليدية تفتقر إلى العمق والاحترافية
– برامج ترفيهية دون المستوى، تكرر نفس النمطية منذ سنوات
– غياب واضح للإنتاج الدرامي والوثائقي المتميز
– محدودية المحتوى الموجه للشباب والأطفال
– إهمال نسبي للغة والثقافة الأمازيغية في كثير من البرامج
الـSNRT مطالبة اليوم بإعادة النظر في أولوياتها، فامتلاك أحدث المعدات لا يعوض أبداً عن ضعف المحتوى وغياب الرؤية الإبداعية. المشاهد المغربي يستحق أكثر من مجرد قنوات تقدم له محتوى رتيباً ومتكرراً، بينما العالم من حوله يشهد ثورة في مجال الإنتاج الإعلامي.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: متى ستتحول هذه الاستثمارات في البنية التحتية إلى تحسين حقيقي في جودة البرامج؟ ومتى ستنتبه SNRT إلى أن قيمة أي مؤسسة إعلامية تكمن في محتواها أولاً وأخيراً، وليس فقط في المعدات التي تستخدمها؟
فعدد من المراقبين يقيمون الوضع، بـ”معادلة محبطة”، ميزانيات ضخمة تُصرف على التجهيزات، بينما يظل الإنتاج الإعلامي يعاني من التكرار والضعف. فإلى متى سيستمر هذا الفصام بين الإمكانيات المادية والمخرجات الإعلامية؟ وإلى متى سيظل المشاهد المغربي ينتظر تحسناً حقيقياً في مستوى القنوات التي يمولها من جيبه؟