لا ريب ان مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما فيسبوك و يوتيوب اصبحت وسيلة سريعة لنقل و توزيع المعلومة, بل اكثر من ذلك مكنت من قياس تفاعل المواطنين و صناع القرار في مختلف القطاعات، حيث اضحت من ابرز الآليات التي وفرت وسيلة تتبع نبض المواطن بخصوص مجموعة من القضايا والمواضيع التي تهم حياته اليومية و بالتالي فمواقع التواصل الاجتماعي بقدر ما تحمله من سلبيات الا انها فرضت قوتها في المجتمع المغربي الحديث الذي يعرف اهتماما بالعولمة و انفتاح و ضمان حرية التعبير و الآراء المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية, الشيء الذي اصبح يجعل من التفاعل الالكتروني حاجة ضرورية لدى الكثير من عموم الناس لتتبع و التحاور حول مخرجات التدابير السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بمختلف مناطق المملكة كما أنه جدير بالذكر ان مواقع التواصل الاجتماعي مختلف تلويناته لا يعتمد على الوسطاء في نقل المعلومات بالإضافة الى سهولة استخدامها وقدرة المستخدمين الوصول إلى ما يريدون خلال وقتٍ قصير، ويعتبر أكثر الشبكات شعبية واستخداماً حيث تحولت إلى مصدر للأخبار السريعة
كما لا يشترط ان تتنقل هاته المعلومة من مصدر لآخر بقدر ما تمكن بطريقة أسرع الوصول إليها من المنبع و بالتالي ساهم بشكل مباشر رواض التواصل الاجتماعي في تحريك بعض القضايا الاجتماعية التي شكلت بالنسبة لاهتماماتهم فضاء للنقاش و تضارب الآراء كحالات الاغتصاب, التحرش, التسويق المعلومات لمواضيع مختلفة, زلات بعض المسؤولين.. و ما شهدته الساحة الافتراضية من حملات تخفيض اثمنة بعض المنتوجات، و بالتالي يمكن القول ان الفيسبوك لوحده أصبح بمثابة ( شبه حزب سياسي إلكتروني) يفتقر فقط لهياكله الإدارية، حيث اصبحنا أمام قوة ضاغطة تكاد تتجاوز ما يمكن أن تقوم به بعض الأحزاب، وأمام فاعل جديد يمارس نوعا جديدا من الضغط والتأثير المتفاوت الدرجات، بوظائفه على الحكومات من خلال نقل أسرع لما يتم تداوله بين النشطاء إلكترونيا وافتراضيا إلى المؤسسات الرسمية بغية تجويد القرارات، حيث ان هاته المواقع لها القدرة على تنشيط الحياة السياسية من خلال الرصد والمتابعة وحشد الرأي وتوجيهه، ومحاولة صناعة رأي عمومي مساند ربما أو معارض لفكرة أو قرار كيفما كان، و لا محال ان تفاعل المواطن من عدمه مع هاته المواقع التي تضم اكثر مما تضمه ربما بعض الأحزاب الواقعية من أعداد هائلة من المتابعين بمختلف توجهاتهم و أيدولوجياتهم و طبقاتهم الاجتماعية؛ أصبح ضرورة ملحة اليوم قبل اي وقت مضى من اجل العمل على ضبط و تنظيم التعامل مع هذا الفضاء الأزرق فرغم ما يقدمه من إيجابيات السابقة للذكر إلا ان سلبياته عديدة تتمثل في غياب الحياد و التحري بالمصداقية في نقل المعلومات المختلفة المضمون و تداولها بين الصفحات زيادة إلى ذلك تشكل سرعة نقل المعلومات سواء كانت تتضمن حملات او آراء فردية؛ نقطة غاية في الاهمية كون “سرعة الانتشار للمعلومة و ما تعرفه من تفاعل حولها اهم بكثير من مضمونها“ كون هذا الانتشار يعد في حد ذاته ألية للتأثير و التأثر داخل النسق العمومي
خلقت مواقع التواصل الاجتماعي تناقضات فيما يخص الشأن العام حيث آنه “كلما ضاقت النقاشات السياسية والاجتماعية في الواقع السياسي كما اتسع نطاقها في العالم الافتراضي“ الشيء الذي جعلها من الأمور التي وجب التعامل معها بجانب من الجدية و لا غرابة ان نسمع عن تخصيص مسؤولين بدل أخرى طاقم بشري من التقنيين و الصحفيين للتسويق الإعلامي و الإلكتروني
ان هاته الفضاءات التواصلية “تشكل منبر من لا منبر له وصوت من لا صوت له“ و وسيلة لتوصيل الاحتجاج عن مختلف القضايا اليومية لاسيما الاقتصادية و الاجتماعية ذلك ان الدراسات الجامعية تخلص أن بعض الأفراد غير المحوريين-العاديين- قد يكونون أكثر قدرةً على توليد العمل الجماعي والاحتجاجات من أولئك الموجودين في مركز الحركات السياسية و بالتالي فغياب التأطير الحزبي يخلق فراغ كبير من شانه أن يحفز ما يعرف بالترافع العفوي و الذاتي لهؤلاء الفئة عن مختلف المواضيع رغم أن السلوك البشري لا يخضع لقواعد ومعطيات ثابتة، فقد تتغير الحالة المزاجية للمغرد بالمواقع الاجتماعية بين الحين والآخر لكن يبقى ذلك واسع الانتشار و بدون ضوابط.