خبير يرصد أبعاد لجوء الاتحاد الأوروبي للتحكيم ضد الجزائر

في خطوة وصفت بالتصعيدية، أعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء 17 يوليوز 2025، عن تفعيله الرسمي لمسار التحكيم الدولي ضد النظام الجزائري، بسبب ما وصفه بـ”القيود التعسفية وغير المشروعة” التي فرضتها السلطات الجزائرية على الواردات والاستثمارات، في خرق واضح لاتفاق الشراكة الموقع منذ 2002.

القرار الأوروبي جاء بعد سلسلة طويلة من المحاولات الفاشلة لإقناع النظام العسكري الحاكم في الجزائر باحترام التزاماته، خاصة بعد أن عمد، منذ سنة 2021، إلى اتخاذ تدابير حمائية أغلقت فعلياً السوق الجزائرية في وجه الشركات الأوروبية، وأضعفت مناخ الأعمال بشكل خطير.

وحمّل البيان الأوروبي سلطات الجزائر، وبالأخص نظام تبون، كامل المسؤولية في تعثر العلاقات الاقتصادية، متهماً إياها بالتعنت ورفض الإصلاحات، ومشدداً على أن المتضرر الأول من هذه السياسات هو الشعب الجزائري، الذي يدفع ثمن شعبوية نظامه وانغلاقه الاقتصادي.

من جهتها، حاولت الخارجية الجزائرية كعادتها التهرب من المسؤولية، وأصدرت بياناً يهاجم الاتحاد الأوروبي ويتباكى على الحوار المجمد منذ سنوات، رغم أن بروكسيل ظلت تطالب منذ مدة بإعادة تفعيل مجلس الشراكة، دون أن تجد آذاناً صاغية في الجزائر.

الخبير محمد شقير
الخبير محمد شقير

في هذا السياق، قال الخبير في العلاقات الدولية، محمد شقير، في تصريح لـ”بلبريس”، إن لجوء المفوضية الأوروبية إلى التحكيم الدولي يعكس حجم التوتر القائم مع الجزائر منذ أكثر من سنتين، بسبب ما تفرضه من قيود على المبادلات التجارية لا تنسجم مع بنود اتفاقية الشراكة.

وأضاف شقير أن أصل التوتر مرتبط بإصرار الجزائر على فرض إجراءات حمائية أضرت بالمصالح الاقتصادية الأوروبية، إلى جانب التوتر السياسي مع فرنسا على خلفية قضايا متعددة، أبرزها اعتقال الكاتب صنصال، ما جعل باريس، باعتبارها لاعباً رئيسياً داخل الاتحاد، تضغط من أجل تحريك ورقة التحكيم ضد النظام الجزائري”.

وأشار إلى أن “الجزائر تدّعي أنها لم تستفد من اتفاق الشراكة، وتحمّله مسؤولية الخسائر التي تسببت فيها سياساتها الفاشلة، بينما الحقيقة، حسب شقير، أن النظام الجزائري يحاول تبرير انغلاقه الاقتصادي وفشله في جذب الاستثمارات عبر مهاجمة شركائه الأوروبيين”.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يبقى الشريك التجاري الأول للجزائر، فإن قرار اللجوء إلى التحكيم يعني أن الكيل قد طفح، وأن لا مجال بعد اليوم للتساهل مع نظام يُغلق حدوده في وجه التجارة ويكسر قواعد الاتفاقات الدولية متى شاء.

والواضح أن النظام الجزائري اختار الهروب إلى الأمام عبر التصعيد، معتقداً أنه ما زال قادراً على فرض شروطه على أوروبا، بينما الواقع يؤكد أنه يُقحم الجزائر في أزمة سياسية واقتصادية خانقة، سيدفع ثمنها المواطن الجزائري أولاً، كما عوّده النظام منذ عقود.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *