رغم الارتباط القوي للمغاربة بشبكة الإنترنت، حيث يستخدم أكثر من 8 من أصل 10 أشخاص شبكات التواصل الاجتماعي، فإن الواقع الرقمي بالمملكة لا يخلو من مفارقات. فقد كشفت دراسة حديثة أنجزتها مؤسسة “سونرجيا” بشراكة مع صحيفة “ليكونوميست”، أن المغرب يُعد من بين الدول الأكثر ارتباطاً بالمنصات الرقمية في المنطقة، غير أن الفجوة الرقمية لا تزال تُخيم على فئات اجتماعية كاملة، خاصة كبار السن وسكان القرى.
واتساب.. “ملك التطبيقات” بلا منازع
في صدارة المشهد، جاء تطبيق واتساب كالأكثر استخداماً في المغرب بنسبة 75%، وأكدت الدراسة أن 95% من مستعمليه يتصلون به يومياً، ما يعزز مكانته كمنصة أولى للمراسلات والخدمات على حد سواء. ويحتل التطبيق مكانة مفضلة لدى الشباب بين 18 و34 سنة، بنسبة استخدام تفوق 85%. وأضاف التقرير أن إدماج ميزات الذكاء الاصطناعي داخل المنصة ساعد في تعزيز وظيفتها كمحطة شاملة للتواصل اليومي.
فيسبوك.. المنصة الثانية لكنه في تحول
يحتل فيسبوك المرتبة الثانية بنسبة 62% من المستخدمين، ويفضله الرجال أكثر من النساء (66%). وعلى غرار واتساب، يتمتع فيسبوك بشعبية قوية وسط الشباب بين 18 و34 سنة، بنسبة تفوق 70%. وذكرت الدراسة أن المنصة تشهد تحولات جوهرية، من حيث توسيع فضاءات حرية التعبير، بالإضافة إلى دمج متسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف جعل التفاعل أكثر سلاسة وجاذبية.
إنستغرام.. جاذبية مرئية وشعبية نسائية
أما إنستغرام، فحلّ ثالثاً بنسبة استخدام بلغت 42%، مع 86% من المستخدمين يتصلون به بشكل يومي. المنصة تلقى إقبالاً لافتاً من طرف النساء (51%)، وتُعدّ الوجهة المفضلة للفئة العمرية 18-24 سنة (89%)، بفضل الفيديوهات القصيرة وخصائص الذكاء الاصطناعي التي تعزز المحتوى البصري والمرئي.
يوتيوب يصعد.. وتيك توك يتراجع رغم التحسن
دخل يوتيوب هذا العام ضمن التصنيف، محققاً المرتبة الرابعة بنسبة 40% من المستخدمين، وهو مفضل أيضاً لدى الشباب بين 18 و34 سنة. بالمقابل، تراجع “تيك توك” إلى المرتبة الخامسة رغم تسجيله تحسناً بـ5 نقاط مقارنة بـ2024، حيث استقر استخدامه عند 24% سنة 2025، ويظل التطبيق الأكثر جذباً لفئة 18-24 سنة بنسبة 35%.
تطبيقات تتراجع.. وسكان القرى خارج التغطية
من جهة أخرى، يظل “سناب شات” محدود الانتشار بنسبة لا تتجاوز 14% لدى فئة الشباب، وسجل تطبيق تيليغرام تراجعاً طفيفاً بـ2 نقاط ليستقر عند النسبة نفسها (14%).
الفجوة الرقمية: كبار السن والقرى في الخلف
رغم كل هذا الانتشار، إلا أن الوجه الآخر للرقمنة في المغرب ما زال مظلماً: فـ47% من المواطنين فوق 64 سنة لا يستخدمون الإنترنت نهائياً، كما تبلغ نسبة عدم الولوج إلى الشبكة في صفوف سكان العالم القروي 29%، وهو ما تعتبره الدراسة تحدياً حقيقياً أمام تحقيق الإدماج الرقمي الشامل، خاصة في ظل التحولات العالمية المتسارعة نحو الرقمنة.
الدراسة تضع المغرب في موقع متقدم من حيث التفاعل مع الوسائط الاجتماعية، لكنها تقرع ناقوس الخطر بخصوص الفجوة الرقمية المتنامية، ما يستدعي تدخلاً استراتيجياً من الدولة والفاعلين الرقميين لتمكين جميع الفئات، خصوصاً الهشة والمهمشة، من حقها في الولوج الرقمي.