تقارير استخباراتية أمريكية: تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية مسألة وقت ليس إلا

تشير تقارير استخباراتية غربية متزايدة إلى تحول جبهة البوليساريو الانفصالية، المدعومة من الجزائر، إلى تهديد إرهابي متشعب يشكل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن في شمال أفريقيا. ففي خطوة تعكس وعياً متنامياً بهذا الخطر، تعهد النائب الجمهوري جو ويلسون في أبريل الماضي بتقديم تشريع لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، وفقاً لوثائق حصرية اطَلع عليها “ذا ديلي سيجنال”.

شبكة إرهابية متكاملة: أسلحة إيرانية وممرات روسية وتمويل إجرامي

تكشف تحليلات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن مقاتلي البوليساريو يستخدمون طائرات مسيرة من النوع الإيراني، ويتقاسمون الممرات الصحراوية مع قوافل الإمداد التابعة للوكلاء الروس، كما يفرضون “ضرائب” على طرق التهريب التي تغذي الجماعات الجهادية في الساحل الأفريقي. وتحدث كل هذه الأنشطة على بعد أميال قليلة من مضيق جبل طارق، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.

وقد سجل التاريخ سابقة خطيرة عندما أسقطت صواريخ البوليساريو طائرتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 1988، مما أسفر عن مقتل خمسة مواطنين أمريكيين.

لكن واشنطن آنذاك لم تتخذ أي إجراءات عقابية، وهو تقاعس يدفع ثمنه اليوم عبر تصاعد التهديد.

 

الجزائر: الملاذ الآمن للإرهاب

وفقاً لتقارير أمريكية رسمية، توفر الجزائر غطاءً لوجستياً وسياسياً للبوليساريو، حيث تعمل قيادات الجبهة من معسكرات حول تندوف، بعيداً عن رقابة المراقبين الدوليين. وتشير وثائق مسربة إلى أن الدعم العسكري والمالي الجزائري هو ما يُبقي هذه الجماعة قادرة على الحفاظ على بنيتها القتالية، التي يُقدّر عدد مقاتليها بـ 8 آلاف، مع إمكانية تعبئة 40 ألفاً في أي مواجهة محتملة.

الدعم الإيراني: من التدريب إلى التسلح

كشفت تحقيقات استخباراتية فرنسية (نشرتها مجلة “جون أفريك” عام 2018) عن وجود ضباط من حزب الله اللبناني في معسكرات البوليساريو كمدربين. والأخطر، بحسب تقارير الاستخبارات الألمانية (نقلاً عن صحيفة “فيلت”)، هو تورط البوليساريو في شبكة التمويل الإيرانية، حيث تم رصد اتصالات مشفرة بين مبعوث الجبهة مصطفى محمد لمين الكتاب وممثلين عن حزب الله، هنّأهم فيها بهجمات 7 أكتوبر الإرهابية، ووعد بـ”إشعال المقاومة في الصحراء”.

تظهر وثائق اتحادية أمريكية أن ممثلي البوليساريو شاركوا بانتظام في مؤتمرات “الحركة المناهضة للعولمة” الروسية منذ 2015، وهي منصّة موثوقة تموّلها الكرملين. وفي عام 2016، التُقطت صورة لممثل البوليساريو في موسكو، علي سالم محمد فاضل، برفقة مقاتلين انفصاليين من دونباس، الذين شكلوا لاحقاً نواة “فاغنر” في سوريا.

اقتصاد إجرامي يغذي الإرهاب

حذرت دراسات صادرة عن “مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية” (التابع لوزارة الدفاع الأمريكية) من تداخل أنشطة البوليساريو مع شبكات التهريب والجهاد في الساحل الأفريقي. فوفقاً لتقرير “كارنيغي” (2012)، تم تتبع شحنات الكوكايين التي مولت خلايا إرهابية إلى وسطاء صحراويين. والأكثر إثارة للقلق، بحسب “مسح الأسلحة الصغيرة” (2010)، هو تحوّل عناصر سابقة في البوليساريو إلى قيادات في تنظيم “داعش”، مثل عدنان أبو وليد الصحراوي، الذي أسس فرع التنظيم في الساحل قبل تصفيته عام 2021.

وفي تصعيد خطير، هددت البوليساريو علناً شركات إسبانية كبرى (مثل “سيمنس جاميسا” و”أكسيونا”) التي توظف آلاف الأمريكيين، محذرةً في بيان رسمي (نوفمبر 2021) من أن “كل الإقليم سيتحول إلى نار وحرب”. ثم تكررت التهديدات في أبريل 2025، عندما أعلنت الجبهة أن أي مستثمر أو سائح في الصحراء “لن يُعتبر مدنياً”.

الخيار الأمريكي: التصنيف الإرهابي أو تكرار خطأ الماضي

يُذكر هذا التصعيد بسياسة التغاضي التي اتبعتها واشنطن مع الحوثيين قبل أن يتحولوا إلى تهديد إقليمي. اليوم، يُطالب خبراء الأمن القومي الأمريكي بإدراج البوليساريو ضمن “قائمة الكيانات الإرهابية العالمية” (بموجب الأمر التنفيذي 13224)، مما سيمكن الولايات المتحدة من تجميد أصولها وقطع تمويلها.

ويرى مراقبون أن البوليساريو لم تعد مجرد جماعة انفصالية، بل تحولت إلى وحش إرهابي ثلاثي الرؤوس: مدعوم إيرانياً، متشابك مع الشبكات الروسية، ومندمج في الاقتصاد الإجرامي للساحل الأفريقي، وتصنيفها كمنظمة إرهابية لم يعد خياراً، بل ضرورة أمنية. فالتاريخ يُظهر أن تجاهل مثل هذه التهديدات يزيدها شراسة، بينما المواجهة المبكرة تنقذ الأرواح والأموال.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *