أكد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب،أن الدخول البرلماني الحالي وبالنظر للسياق الذي يأتي فيه، والذي يتسم بكونه سياق استثنائي وطنيا ودوليا، هو من سيحدد رهانات نواب الأمةوكذا الحكومة.
وأضاف في حوار مع “بلبريس” أنه انطلاقا من السياق الوطني الذي يأتي فيه الدخول البرلماني والموسوم باستمرار مواجهة المغرب لتداعيات وآثار زلزال الحوز، وباستمرار موجة ارتفاع الأسعار بكل ما تعنيه من استهداف مباشر للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، ثم باستمرار سير المغرب على درب إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، تتحدد تحديات ورهانات الدخول البرلماني الحالي.
وللمزيد من التفاصيل كان هذا الحوار:
ماهي أبرز مميزات ورهانات الدخول البرلماني الحالي؟
يرتبط الدخول البرلماني الحالي بالسياق الذي يأتي فيه، وهو سياق استثنائي وطنيا ودوليا، حيث أن هذا السياق هو من سيحدد رهاناتنا كنواب أمة أو كحكومة، ومن سيبرز التحديات المطروحة أمامنا خلال هذه الدورة التي افتتحها صحاب الجلالة يوم الجمعة الماضي.
وبالتالي فانطلاقا من السياق الوطني الذي يأتي فيه الدخول البرلماني والموسوم باستمرار مواجهة المغرب لتداعيات وآثار زلزال الحوز، وباستمرار موجة ارتفاع الأسعار بكل ما تعنيه من استهداف مباشر للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، ثم باستمرار سير المغرب على درب إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، فإن التحديات المطروحة أمامنا والتي يفرضها هذا السياق، تتعلق أساسا:
أولا: بضرورة العمل الجاد على إعادة إعمار المناطق المتضررة جراء زلزال الحوز، وذلك بالإسراع بتجويد واعتماد المشاريع التي ستأتي بها الحكومة في إطار البرنامج الذي أعلنته كتنفيذ لبرنامج إعادة البناء والإعمار والتأهيل على إثر زلزال الحوز.
ثانيا : باعتماد قانون مالية جديد برسم سنة 2024، يعكس إيمان هذه الحكومة بضرورة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، كما يعكس فهمها واستيعابها الجيد للتوجيهات التي تضمنها خطاب صاحب الجلالة في افتتاح هذه الدورة، خاصة أن صاحب الجلالة قد ربط وبشكل واضح ودقيق جدا، انتصار المغرب في مواجهته لآثار زلزال الحوز بتوافر مجموعة من القيم الأًصيلة، التي من بينها قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، وهي القيم التي لا يمكن استنباتها وتغذيتها إلا في إطار الدولة الاجتماعية الفعلية، وبالتالي فإن قانون المالية الجديد يجب أن يجسد أداة لتنزيل مجموعة من المشاريع المهيكلة التي تؤسس للدولة الاجتماعية، وهو ما يعني أنه يجب أن يتضمن تدابير واختيارات تنتصر للموازنات الاجتماعية عوض التوازنات الماكرو اقتصادية.
وبطبيعة الحال، هناك تحديات أخرى مرتبطة بالعديد من القوانين التي سيتم اعتمادها خلال هذه الدورة.
وانطلاقا من السياق الدولي، الموسوم باستمرار وتكرار الصدمات الاقتصادية، وبتزايد التوترات الجيوسياسية، وبالعديد من التحديات المناخية، واستجابة للدعوة الملكية التي تضمنها خطاب جلالته خلال افتتاح هذه الدورة، فإن على البرلمان من خلال صلاحياته الدستورية وأدواره المؤسساتية، أن يتعبأ وأن يكون يقظا للدفاع عن قضايا الوطن ومصالحه العليا، في ظل هذه التحديات الدولية المتعددة.
2/ماهي أهم القضايا المطروحة على الأجندة التشريعية والرقابية لهذه الدورة؟
ككل الخطب الملكية، لاسيما الخطب التي دأب صاحب الجلالة أن يتوجه بها إلى شعبه وإلى نواب الأمة خلال افتتاح دورات البرلمان، فقد شكل خطاب جلالته خلال افتتاح السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة خارطة طريق واضحة، حيث أنه كان خطابا مؤسسا وموجها لمرحلة جديدة، مضمونها العمل الجماعي الجاد (فاعل حكومي، فاعل برلماني، فاعل مدني ..) المؤسس على الاقتناع التام بأهمية القيم المغربية الأًصيلة المكرسة دستوريا، وعنوانها إدراك ميثاق اجتماعي ومجتمعي.
وانطلاقا من مضامين خطاب جلالته، يمكن القول أن القضايا المطروحة على الأجندة التشريعية لهذه السنة، تتمثل أساسا في:
- العمل على متابعة تنزيل وتنفيذ التعليمات الملكية المتعلقة بإعادة إعمار المناطق المتضررة بزلزال الحوز.
- العمل على تحصين الأسرة المغربية، باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع، وباعتبار تحصينها تحصينا للمجتمع، وذلك من خلال الشروع في مجموعة من الأوراش الإصلاحية الكبرى المرتبطة بها، وذلك انطلاقا من خطب جلالته في:
أولا: إخراج قانون الأسرة الذي يجب – وانطلاقا من التوجيهات الملكية دائما – أن تكون الغاية من مراجعته هو تأهيل الأسرة المغربية، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة نقطة نظام وضعها جلالته للحسم في نقاش عمومي مغلوط فتح منذ أعلن جلالته ضرورة مراجعة قانون الأسرة، وهو النقاش الذي كان ينتصر لكل شيء وأي شيء إلا للأسرة المغربية وبالتالي للمجتمع المغربي.
ثانيا: تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، وتحديد أفق زمني واضح لتفعيله وهو متم السنة الجارية، والدعوة إلى توسيع وعاء الاستفادة منه حتى يشمل فئات اجتماعية واسعة، وهو ما يتطلب من الحكومة إعمال مبادئ الحكامة في تفعيل هذا البرنامج، باعتباره ورشا مهيكلا، مع ضرورة وضع آلية خاصة للتتبع والتقييم بما يتيح له إمكانية التطور.
- استمرار البرلمان في أداء مهامه التي يكفلها له الدستور والقانون، والمتمثلة، أساسا، في التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية، وهذه الفرصة للتذكير بمطلبنا المتكرر بضرورة تجاوز الحكومة للمنطق الإقصائي الذي حكم تعاطيها مع البرلمان منذ تنصيب هذه الحكومة، حتى يتم استدراك التأخر التشريعي الحاصل، خاصة أنه بات من الضروري اليوم الإسراع في اعتماد العديد من القوانين المهيكلة، كقانون المسطرة المدنية، والقانون الجنائي، وغيرها من القوانين والقضايا، من قبيل قضايا الجالية المغربية بالخارج، التي من شأن اعتمادها أن يساهم في التأسيس لمرحلة جديدة تدخلها البلاد.
3- بأي نفس تدخل المعارضة البرلمانية غمار هذه الدورة، وما حدود التنسيق بين مكوناتها؟
مرة أخرى، نحن في الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية نؤكد موقفنا المبدئي والتام تجاه كل أشكال التنسيق التي من الممكن أن نكون جزء منها إلى جانب باقي مكونات مجلس النواب، وهو الموقف الذي يتأسس على الغاية من التنسيق، فنحن هكذا مع كل تنسيق يروم خدمة مصالح البلاد، وتعزيز وتقوية حضور المعارضة البرلمانية من داخل مجلس النواب، ويهدف إلى الدفع في تجويد العمل البرلماني عموما، لكن نؤكد أنه لا معنى في تنسيق يكون الهدف منه إعلان التنسيق في حد ذاته، خاصة بين مكونات مختلفة جذريا لا على مستوى الإيديولوجيات، أو البرامج أو حتى التصورات والتكتيكات، حيث سنكون حينها أمام فعل يؤثر بالسلب على صورة مجلس النواب وعلى صدقية الممارسة السياسية.
وعلى العموم، فنحن في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، وكما أكدنا سابقا، وفي مناسبات عديدة، فنحن اخترنا أن نمارس معارضة مسؤولة وبناءة، وهو نفس النهج الذي سنسير عليه خلال هذه الدورة، حيث سنعمل على استثمار كل الوسائل المتاحة أمامنا قانونيا ودستوريا، من أجل أداء مهامنا الدستورية بالشكل الذي يضمن مساهمتنا الجيدة من موقعنا على تفعيل جميع التوجيهات الملكية التي تضمنها خطاب جلالته خلال افتتاح هذه الدورة.
أما في ما يتعلق بعمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فالمعلوم أنه حزب ارتبط وجوده تاريخيا بالمساهمة ومن أي موقع شغله وانطلاقا من الأدوات والوسائل المتاحة أمامه في خدمة مصالح المغاربة والمغرب، وبالتالي فمن الضروري أن يستمر في أداء مهامه، كقوة اقتراحية لا غاية من مواقفه غير المساهمة من موقعه في دفع الحكومة نحو تبني اختيارات شعبية، ونأمل أن تتعاطى الحكومة مع مقترحات حزبنا بالجدية المطلوبة.