مشروع الربط الأطلسي يعزز مكانة المغرب المحورية بالساحل

في خضم التحولات العميقة التي تعصف بمنطقة الساحل الإفريقي، ومع تراجع النفوذ الأوروبي وفعالية المؤسسات الإقليمية، يمضي المغرب بخطى ثابتة لترسيخ نفسه كمحور تنموي بديل ورابط استراتيجي بين إفريقيا وأوروبا.

ويأتي هذا التحرك في وقت ينجح فيه المغرب تدريجيا في تقديم نفسه كشريك موثوق لدول المنطقة، مستغلا ما وصفته وكالة فرانس برس في تقرير لها بـ”إخفاقات المنظومة الإقليمية”، وعلى رأسها منظمة “إيكواس” التي تراجعت فعاليتها بفعل الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وتتجسد هذه الرؤية المغربية بشكل جلي في “مشروع الربط الأطلسي” الطموح الذي أطلقه الملك محمد السادس أواخر عام 2023، والذي يهدف إلى منح الدول الإفريقية غير الساحلية منفذاً بحرياً حيوياً عبر ميناء الداخلة الأطلسي. ويعكس هذا المشروع، الذي تقدر تكلفته بنحو 1.3 مليار دولار، حاجة المغرب الجيوسياسية لتعزيز حضوره في الصحراء الغربية، وفي الوقت نفسه يلبي الطموح التنموي لدول الساحل التي تواجه قيوداً متزايدة في الوصول إلى موانئها التقليدية في بنين وتوغو وساحل العاج بسبب عزلتها الدبلوماسية.

وقد حظي المشروع بدعم سياسي ملموس، حيث وصفه وزير خارجية النيجر خلال زيارته للرباط في أبريل الماضي بأنه “هبة من السماء”، مؤكداً أن المغرب كان من أوائل المتفهمين للواقع السياسي المعقد لبلاده وحلفائها.

ورغم هذا الزخم الدبلوماسي، لا يزال الطريق طويلاً، حيث يواجه المشروع تحديات كبرى تتمثل في هشاشة البنية التحتية للنقل داخل دول الساحل، والتي تتطلب بناء آلاف الكيلومترات من الطرق والسكك الحديدية، فضلاً عن استمرار التهديدات الأمنية وغياب الاستقرار.

ويبدو أن هذه الخطوة تندرج ضمن استراتيجية مغربية أوسع لبناء تحالفات جنوب-جنوب، متجاوزاً الاعتماد التقليدي على الشركاء الغربيين، ليقدم نفسه كقوة ناعمة وحلقة وصل بين قارتين في وقت يتصاعد فيه دور لاعبين جدد كروسيا وتركيا. وفي المحصلة، يشكل مشروع الربط الأطلسي اختباراً حقيقياً لقدرة المغرب على تحويل طموحه الإقليمي إلى واقع ملموس، وتقديم إجابة حاسمة على سؤال التموقع في إفريقيا الجديدة.

 

في خضم التحولات العميقة التي تعصف بمنطقة الساحل الإفريقي، ومع تراجع النفوذ الأوروبي وفعالية المؤسسات الإقليمية، يمضي المغرب بخطى ثابتة لترسيخ نفسه كمحور تنموي بديل ورابط استراتيجي بين إفريقيا وأوروبا. ويأتي هذا التحرك في وقت ينجح فيه المغرب تدريجيا في تقديم نفسه كشريك موثوق لدول المنطقة، مستغلا ما وصفته وكالة فرانس برس في تقرير لها بـ”إخفاقات المنظومة الإقليمية”، وعلى رأسها منظمة “إيكواس” التي تراجعت فعاليتها بفعل الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *