نظام “الباشلور” بلوره سعيد أمزازي وأقبره عبد اللطيف الميراوي وأحياه عز الدين ميداوي

يعد قرار مجلس الحكومة الاخير العودة لنظام “الباشلور” في المدارس العليا للتكنولوجيا، فإنه يعد قرارا حكيما منصفا للوزير السابق سعيد امزازاي الذي بلور فكرة الباشلور، و صفعة قوية للوزير السابق عبد اللطيف الميراوي الذي ألغاه بكيفية مزاجية،الغاء ترك وراءه هدراً هائلاً للمال والجهد والوقت، وضياعاً لآمال آلاف الطلبة.

العودة إلى “الباشلور” اليوم ليست انتصاراً لرؤية، بل هي اعتراف بفشل التراجع عنها. فكيف يمكن فهم أن نظاماً تمت بلورته في عهد الوزير سعيد أمزازي بعد توافق أكاديمي واسع، ووُصِف بأنه الحل الأمثل لمواكبة المعايير الدولية، يتم “إقباره” بقرار فوقي من قبل خلفه عبد اللطيف الميراوي، ليُبعث من جديد على يد الوزير الحالي عز الدين ميداوي؟

هذا المسلسل من القرارات المتضاربة يطرح سؤالاً جوهرياً ومقلقاً: هل ورش إصلاح التعليم ورش استراتيجي للدولة أم مجرد ساحة لتصفية الحسابات وترك “البصمات الشخصية” للوزراء المتعاقبين؟

إن غياب التنسيق ليس هو المشكلة الوحيدة، بل الأزمة أعمق وتكمن في غياب رؤية استراتيجية ملزمة وطويلة  الأمد، تتجاوز عمر الحكومات وأهواء الوزراء. كل وزير يأتي حاملاً مشروعه الخاص، وغالباً ما يبدأ من نقطة الصفر عبر هدم ما بناه سلفه، انها حلقة مفرغة تستهلك موارد البلاد وتُفقد الثقة في جدية الإصلاحات.

والدليل الأوضح على الكلفة البشرية لهذا التخبط هو ما وقع لآلاف الطلبة على امتداد التراب الوطني. لقد تم إلغاء تسجيل ما يزيد عن 24,000 طالب وطالبة في مسالك الباشلور التي تم اعتمادها بمختلف الجامعات، بعد أن بنوا عليها آمالهم وخططوا لمستقبلهم الأكاديمي والمهني. تم التخلي عنهم دون تقديم أي بديل واضح في ولاية الوزير عبد اللطيف الميراو ي، ليجدوا أنفسهم ضحايا قرار مزاجي لا علاقة له بالمنطق البيداغوجي أو المصلحة الوطنية. لقد تحول حلمهم بمواكبة نظام تعليمي عالمي إلى كابوس من الضياع وعدم اليقين.

إن نجاح أي إصلاح لا يقاس فقط بمدى حداثة أفكاره، بل بمدى استمراريته وقدرته على التراكم. اليوم، يعود نظام “الباشلور” محملاً بعدة مبررارات : تقوية اللغات، المهارات الذاتية، والحركية الدولية. لكن السؤال الحقيقي ليس “لماذا الباشلور؟”، بل “إلى متى ستظل الإصلاحات الكبرى في قطاع حيوي كالتعليم رهينة قرارات فردية متقلبة؟”.

ما لم يتم إرساء ميثاق وطني لإصلاح التعليم العالي ، يكون ملزماً للجميع ويتجاوز التغييرات السياسية ،التعديلات الحكومية ، سيبقى المغرب عالقاً في دوامة البناء والهدم هذه، مهدرًا وقتاً ثميناً وموارد حيوية، ومضحياً بأجيال من الطلبة على مذبح الأهواء السياسية.

قصة نظام “الباشلور” ليست مجرد حكاية شهادة جامعية، بل هي تذكير صارخ بأنه بدون رؤية استراتيجية مستقرة، حتى أفضل الخطط مصيرها الفشل، لدلك نقول احسن الوزير الحالي ميداوي بإحياء نظام الباشلور لتأهيل التكوين بالمدارس العليا للتكنولوجيا وتكييفه مع المعايير الدولية، وضمان ولوج خريجي هذه المعاهد لسوق الشغل.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية