شهدت جلسة اليوم بمجلس المستشارين غياباً لافتاً لأعضاء الغرفة الثانية، حيث لم يتجاوز عدد الحاضرين ثلث مجموع المستشارين، في مشهد بات متكرراً ويطرح تساؤلات جادة حول جدية تمثيلية المؤسسة التشريعية ودورها في مناقشة السياسات العمومية.
ورغم الطابع الحيوي للقطاعات الوزارية التي خُصصت لها الجلسة، وعلى رأسها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فقد بدت قاعة المجلس شبه فارغة، ما دفع المخرج المكلف بالنقل التلفزي إلى تجنب اللقطات الواسعة التي تُظهر الكراسي الشاغرة، تفادياً لنقل صورة سلبية للرأي العام.
وتُضاف هذه الصورة إلى سلسلة الانتقادات التي تطال أداء المؤسسة، خاصة في ظل التقارير المتكررة التي تكشف عن نسب غياب مرتفعة، بعضها وصل إلى حد عدم تدخل عدد من المستشارين مطلقاً في أشغال المجلس طوال ولايات كاملة. وبالرغم من التنصيص في النظام الداخلي للمجلس على إجراءات تأديبية كالتنبيه والاقتطاع من التعويضات، إلا أن هذه الإجراءات لم تفلح في وقف نزيف الغيابات المتكررة، التي لم تعد حالة معزولة أو طارئة، بل باتت تعكس سلوكاً متكرراً يُقوّض صورة المؤسسة.
ويعكف مجلس المستشارين حالياً على مراجعة نظامه الداخلي، مع مقترحات أكثر صرامة، من بينها إمكانية تجريد الأعضاء المتغيبين بشكل متواصل من عضويتهم. غير أن مراقبين يرون أن الإشكال يتجاوز الجانب القانوني، ليصل إلى أزمة في الالتزام السياسي والأخلاقي لدى بعض مكونات المجلس.
في المقابل، تُسائل هذه الوضعية الحكومة أيضاً، في ظل غياب التفاعل الجاد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية داخل المؤسسة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقطاعات استراتيجية تتطلب نقاشاً عميقاً ومساءلة حقيقية.