علمت “بلبريس” من مصادر اتحادية، أن عدداً من القيادات داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، دعت الكاتب الأول إدريس لشكر إلى اتخاذ إجراءات صارمة في حق البرلماني المهدي العالوي، بعد تصريحاته الأخيرة التي وصفت بالصادمة والمُسيئة لتاريخ الحزب وصورته.
وتؤكد المصادر ذاتها، أن هذه القيادات، ومن ضمنها أعضاء في المجلس الوطني وأعضاء من المكتب السياسي لـ”الوردة”، طالبت بإحالة العالوي، عضو الفريق النيابي وعضو المكتب السياسي، على لجنة الأخلاقيات والانضباط، مع دعوته لتقديم اعتذار صريح وعلني عن تصريحاته في مهرجان خطابي بالراشيدية نهاية الأسبوع الماضي.
العالوي، المعروف بكونه من الوجوه المثيرة للجدل داخل التنظيم، فجّر موجة غضب واسعة في الأوساط الحزبية، بعدما قال أمام الكاتب الأول للحزب، وبحضور مناضلين، إن “الاتحاديين يشربون الخمر بهدوء ويقتلون المجرمين”. تصريحات أثارت استياءً كبيراً، خصوصاً وأنها قيلت في إقليم معروف بطبيعته المحافظة ورفضه المطلق لمظاهر “الانحلال الأخلاقي”، كما أن الراشيدية لا تتوفر أصلًا على محلات لبيع الخمور، باستثناء محل وحيد تم إغلاقه منذ سنوات.
قيادي بارز في الحزب وصف هذه التصريحات بأنها “مسيئة ومهينة” لمناضلي الاتحاد وتاريخه، معتبراً أنها تمثل سابقة خطيرة، خاصة أنها صادرة عن عضو في أعلى هيئة تقريرية بالحزب، ومؤكداً أن “اللحظة التنظيمية التي يعيشها الاتحاد، والمتزامنة مع التحضير لمؤتمره الوطني، تتطلب قدراً عالياً من المسؤولية والانضباط، وليس إثارة الفوضى وخدش صورة الحزب”.
وتخشى قيادات اتحادية أن تؤثر هذه التصريحات بشكل مباشر على تموقع الحزب في الجنوب الشرقي، خاصة وأن هذه المنطقة تضم أسماء وازنة داخل التنظيم، من ضمنها رئيس الفريق النيابي، والبرلماني المهدي العالوي نفسه. وبالنظر لطبيعة المجتمع المحافظ في أقاليم مثل الراشيدية وزاكورة وتنغير، فإن هذه الخرجة غير المحسوبة قد تُضعف الحضور الانتخابي للحزب في استحقاقات 2026، في وقت يسعى فيه الاتحاد إلى رص صفوفه واستعادة توهجه السياسي بعد سنوات من التراجع.
ويُنظر إلى سلوك العالوي، بحسب اتحاديين تحدثوا لـ”بلبريس”، باعتباره محاولة يائسة للإفلات من المساءلة السياسية والأخلاقية، بعدما أصبح عبئاً ثقيلاً على الحزب في سياق وطني وتنظيمي دقيق.
كما يرى متابعون للشأن الحزبي أن هذه التصريحات لم تعد تمس فقط صورة الاتحاد، بل تهدد تماسكه الداخلي، وتطرح علامات استفهام حول حدود الانضباط السياسي داخل الحزب.
وأكدت نفس المصادر لـ”بلبريس”، أنه في انتظار قرار رسمي من الكاتب الأول إدريس لشكر، الذي يستعد بدوره للعودة لولاية رابعة على رأس الحزب، فإن الضغوط تتزايد من أجل اتخاذ موقف واضح من هذه “السقطة السياسية”، التي اعتبرها كثيرون طعنة في الظهر من داخل بيت الحزب، واستفزازاً مجانياً لعموم الاتحاديين والاتحاديات، ولتاريخ من النضال الوطني قاده رجال من طينة المهدي بن بركة، عمر بنجلون، عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمن اليوسفي.
في المحصلة، لا يبدو أن العالوي قدّر حجم الإساءة التي ألحقها بتصريحاته، لكن المؤكد، بحسب مصادر اتحادية، أن صبر القيادة بلغ مداه، وأن البت في ملفه بات مسألة وقت لا أكثر.