فساد بعض الأساتذة الجامعيين الاستثنائيين لا يُلغي نزاهة جل الأساتذة والمؤسسات الجامعية

أثارت واقعة اعتقال أستاذ جامعي ومنسق حزبي بمدينة أكادير، على خلفية اتهامات تتعلق بالاتجار في الشواهد الجامعية والتلاعب في التسجيل بسلك الماستر، صدمة واسعة في الرأي العام الوطني، وأشعلت موجة من التعليقات وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت حدّ التشكيك في نزاهة المنظومة الجامعية بأكملها. غير أن تعميم هذا الحادث على كافة الجامعات والأساتذة والمؤسسات هو تجني غير منصف، وخطاب انفعالي يتجاهل السياق والوقائع.

واقعة فردية.. ولا تمثل صورة الجامعة المغربية ككل

من المهم التأكيد على أن ما جرى يتعلق بحالة فردية ومعزولة، تخضع حاليًا لتحقيقات قضائية دقيقة تحت إشراف النيابة العامة، ولا يجوز سحبها على جميع الجامعات أو الأطر التعليمية بالمغرب. فالجامعة المغربية، رغم ما تواجهه من تحديات، ما زالت تضم كفاءات علمية وأكاديمية مشهودًا لها بالنزاهة والالتزام والأخلاقيات المهنية، وتُعد منارات للبحث والتكوين في مختلف جهات المملكة.

ولا يجب أن يُفهم من هذه الحادثة أن الجامعات تحوّلت إلى مراكز فساد أو وساطة، بل العكس، فقد أظهرت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في مساطر ولوج الماستر والدكتوراه، عبر اعتماد مباريات كتابية وشفوية صارمة، وإجراءات إلكترونية لضمان الشفافية وتكافؤ الفرص.

فساد الأفراد لا يُلغي نزاهة المؤسسات

تتكرر في مختلف دول العالم قضايا فساد في مؤسسات مرموقة، ومع ذلك لا يُنظر إليها كقاعدة، بل كحالات معزولة تستوجب التصحيح والمحاسبة. الجامعة المغربية ليست بمنأى عن الخروقات، ولكنها ليست مؤسسة منهارة أخلاقيًا كما يروّج البعض. ويكفي الإشارة إلى أن الجامعات المغربية لا تزال تسجل حضورًا في التصنيفات الدولية، وتخرج سنويًا آلاف الأطر في مجالات الطب، الهندسة، القانون، والعلوم الاجتماعية، ممن يشتغلون داخل وخارج المغرب بكفاءة عالية.

التحقيقات الجارية… دليل على اشتغال مؤسسات الرقابة

من زاوية أخرى، فإن فتح تحقيق قضائي شفاف، ومتابعة المتورطين وفق القانون، هو في حد ذاته مؤشر صحي، يعكس عمل مؤسسات الرقابة، ويؤكد أن الدولة المغربية لا تتسامح مع مظاهر الفساد، سواء داخل الجامعة أو خارجها.

بل إن إثارة الملف بهذه السرعة وتوسيع التحقيقات لتشمل أطرافًا أخرى، من بينهم محامون ومسؤولون، هو علامة على استقلالية القضاء، وحزم الدولة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وليس كما يصور البعض بأن هناك تواطؤًا أو تسترًا.

ضرورة إصلاحات أعمق دون شيطنة الجامعة

الحادث يجب أن يُستثمر لإطلاق نقاش وطني جاد حول جودة الحكامة داخل الجامعات، وتطوير آليات القبول والمراقبة الداخلية، وليس لاستهداف الأساتذة أو التشكيك في كل منظومة التعليم العالي. الحل لا يكون بتعميم الإدانة، بل بتعزيز آليات الوقاية والرقابة، ودعم الشفافية، وتحفيز النزاهة داخل الأوساط الجامعية.

الجامعة المغربية… بين تحديات الواقع وطاقات الأمل

لا يمكن إنكار أن الجامعة المغربية تواجه تحديات متراكمة؛ من نقص في الموارد، وارتفاع في الطلب، إلى ضغط على الأساتذة ومحدودية التجهيزات. ومع ذلك، فهي فضاء مفتوح للتغيير والإبداع والتفوق، كما يبرهن عليه تميز عدد من الكليات والمدارس العليا في مجالات متعددة، وجهود الأساتذة الباحثين الذين يواصلون النهوض بالمهام البيداغوجية والعلمية رغم الإكراهات.

إن الفساد داخل الجامعة، حين يحدث، يجب أن يُدان ويُحاسب وفق القانون، لكن دون الوقوع في فخ التعميم أو التبخيس. فـالجامعة المغربية ليست مؤسسة فاسدة، بل مؤسسة وطنية تحتضن نخبة من الأطر التي تشتغل في صمت من أجل تكوين أجيال الغد.

ويظل الرهان الحقيقي اليوم هو تحصين المنظومة الجامعية من كل مظاهر الانحراف، عبر تطوير آليات الحكامة، وتكريس ثقافة الاستحقاق، والدفاع عن كرامة الأستاذ الجامعي، بعيدًا عن لغة التعميم والتهويل.

في هذا السياق يجب على بعض الاساتذة وعلى مسؤولي CEDOC  ان يعيدوا النظر في كيفية قبول بعض طلبة الدكتوراه . لان بعض الاساتذة  اصبحوا يتسابقون على قبول تأطير بعض القضاة والمحامبين ورجال الامن وبعض الموظفين الكبار خدمة لمصالحهم الخاصة .

لذلك يغتنم بعض الحاقدين على الاساتذة الجامعيين وعلى المؤسسات الجامعية بعض حالات الفساد الاستثنائية  لتشويه صورة الاستاذ الجامعي والمؤسسات الجامعية. ويظهروا حقدهم الدفين عليهما.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية